????? ????? | Spectra of Venor

لَمْ تَكُنِ الْمَشَاغِلُ هِيَ مَا تُضِيءُ الْمَشْهَدَ الْمَهِيبَ، بَلْ كُرَاتٌ زَرْقَاءُ بَاهِتَةٌ مَحْمُولَةٌ بِأَيْدِي أَطْيَافِ الْفِينُورِ، بِرَائِحَتِهَا الْكِبْرِيتِيَّةِ. كَانَ لَهَا عَيْنَانِ خَضْرَاوَانِ كَبِيرَتَانِ، كَأَنَّهَا أَرْوَاحٌ أَتَتْ مِنْ عَالَمٍ آخَرَ لِتَسْتَقْبِلَ ضَيْفَهَا الْجَدِيدَ.

النَّعْشُ الذَّهَبِيُّ مَوْضُوعٌ بِجَانِبِ مِنَصَّةٍ مِنْ عِظَامِ الْهَفْلَبَافِ، عَلَى ضَفَّةِ الْبُحَيْرَةِ الْمُقَدَّسَةِ. كَانَ يَطْفُو فَوْقَ الْمَاءِ بِلا حَوَامَاتٍ، كَأَنَّهُ وَرَقَةُ شَجَرٍ سَقَطَتْ فِي بِرْكَةٍ كَبِيرَةٍ. جَسَدُ الْمَلِكِ دَاخِلَ نَعْشِهِ بَدَا شَفَّافًا، وَعَيْنَاهُ الْمَفْتُوحَتَانِ تُلْمِعَانِ بِلَوْنٍ كَهْرَمَانِيٍّ غَرِيبٍ، كَأَنَّهُمَا تُخْبِئَانِ شَرَارَاتِ حَيَاةٍ سَحِيقَةٍ.

بَدَأَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْفِينُورِ بِالدَّوَرَانِ فِي دَوَائِرَ مُتَعَاكِسَةٍ بِسُرْعَةٍ، مِمَّا زَادَ تِلْكَ الرَّائِحَةَ الْكِبْرِيتِيَّةَ الْمُزْعِجَةَ. فَتَشَكَّلَتْ رُمُوزٌ ضَوْئِيَّةٌ غَرِيبَةٌ فِي السَّمَاءِ فَوْقَ رُؤُوسِ الْحَاضِرِينَ، وَأَصْوَاتُ تَصْفِيقِهِمْ تَعْلُو مَعَ أَصْوَاتِ صَرَخَاتٍ مَكْتُومَةٍ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْمَاءِ، كَأَنَّ الْبُحَيْرَةَ الْمُقَدَّسَةَ تُشَارِكُ فِي هَذِهِ الطُّقُوسِ.

نَظَرَاتُ الْحَاضِرِينَ كَانَتْ تَزِيدُ الْأَمْرَ غَرَابَةً: بَعْضُهُمْ كَانَ يَنْظُرُ بِبُرُودٍ، كَأَنَّهُ يَعْرِفُ مَا سَيَحْدُثُ، بَيْنَمَا الْبَعْضُ الْآخَرُ كَانَ يَنْظُرُ بِصَدْمَةٍ، كَأَنَّهُ يَشْهَدُ شَيْئًا خَارِجًا عَنِ الْمَأْلُوفِ.
.
.
.

«لَمْ أَتَوَقَّعْ هَذَا الْجَمْعَ مِنَ الْحُضُورِ!».
كَانَ ذَلِكَ **جِيُوكَاسُ** الْمُخْتَبِئُ خَلْفَ أَشْجَارِ الْغَابَةِ، يَتَرَقَّبُ وَيُشَاهِدُ مَاذَا يَجْرِي... لِيَظْهَرَ **الْكْسَانْدَرُ** خَلْفَهُ فَجْأَةً، كَسُقُوطِ جِذْعِ شَجَرَةٍ بَعْدَ قَطْعِهِ! صَوْتُهُ كَانَ مُنْخَفِضًا كَحَرِيرٍ مَسْمُومٍ، وَقَطَرَاتٌ مِنْ دَمِهِ تَتَوَهَّجُ بِلَوْنٍ أُرْجُوَانِيٍّ مُشِعٍّ، قَدْ غَطَّى نِصْفَ حَنَاحَيْهِ الْأَسْوَدَيْنِ.

«إِنَّهَا جَنَازَةُ الْمَلِكِ... مَاذَا ظَنَنْتَ يَا فَطِنُ؟!».
ثُمَّ أَخْرَجَ سِكِّينًا مُصَقَّلًا بِشَكْلٍ مُخِيفٍ، حَادَّ الْأَطْرَافِ مُتَعَدِّدِ الْأَطْيَافِ، وَأَخْرَجَ الْآخَرَ مِنْ جَيْبِهِ مَادَّةً غَرِيبَةَ الرَّائِحَةِ بِلَوْنِ الْجُرْمِ السَّمَاوِيِّ. وَوَضَعَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي سَهْمٍ مُعَدٍّ خِصِّيصًا لِلِانْفِجَارِ بَعْدَ إِطْلَاقِهِ بِثَوَانٍ مَعْدُودَةٍ. وَاسْتَلَمَ السِّكِّينَ مِنَ الْكْسَانْدَرِ، وَلَفَّهَا بِسَهْمٍ آخَرَ، وَأَعَادَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى حَقِيبَةِ ظَهْرِهِ.

«هَلْ نَبْدَأُ الْآنَ؟».
«لَا! انْتَظِرِ الْإِشَارَةَ كَمَا اتَّفَقْنَا. فَكَمَا تَعْلَمُ، إِنَّ التَّشِيسْتَا تَحْتَاجُ وَقْتًا لِتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ. عِنْدَمَا يَضَعُونَ النَّعْشَ فِي الْمَاءِ وَيَتْرُكُونَهُ يَذْهَبُ لِوَسَطِهَا، أَسْرِعْ إِلَى النَّعْشِ لِيَنْكَسِرَ، ثُمَّ اخْتَطِفِ الْجُثَّةَ بَعْدَ أَنْ تَلْمِسَ الْمَاءَ؛ فَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ يَرَوْا تَحَوُّلَ الْمَاءِ!».
«أَمْرُكَ!».

بَعْدَ الرَّقْصَةِ الْغَرِيبَةِ، اقْتَرَبَ الْخَادِمُ مِنَ الْبُحَيْرَةِ حَتَّى يَقْتَنِصَ الْفُرْصَةَ الْمُنَاسِبَةَ، وَبِالْخَطَأِ انْزَلَقَ بِفِعْلِ طُحْلُبٍ كَانَ رَطْبًا، فَأَحْدَثَ صَوْتَ ضَرْبٍ بَسِيطٍ.
اسْتَدَارَ أَحَدُ الْحَاضِرِينَ -وَالَّذِي كَانَ بِدِرْعٍ وَسَيْفٍ بِيَدِهِ- لِيَقْتَرِبَ مِنْ مَكَانِ الصَّوْتِ فِي حَالَةِ تَأَهُّبٍ. نَظَرَاتُهُ كَانَتْ حَادَّةً، كَأَنَّهُ يَعْلَمُ بِوُجُودِ شَخْصٍ خَطِرٍ فِي الْجِوَارِ.
.
.
.

هذه كانت مقدمة للرواية اتمنى ان تعطوني رأيكم فيها 🦋🌟

و لفهم ماذا جرى و كيف وصل بهم الأمر الى جنازة الملك و ما قصتهم تابعوني و لا تنسوا النجمة و التعليق 🌟