⸻مرّت شهراً منذ انتقال آريا إلى منزل عائلة ويلسون. شيئًا فشيئًا، بدأت تعتاد على وجوههم، على نداءاتهم، على الأصوات التي تدور في المنزل صباح مساء. لكن شيئًا في داخلها ظل صامتًا، حذرًا... كأنها تنتظر إشارة خفية تسمح لها أن تكون جزءًا من هذا العالم الصاخب.
في مساء أحد الأيام، كانت آريا جالسة على عتبة الباب الخلفي، تراقب الفتيان وهم يركضون في الحديقة، يتقاذفون الكرة، يصرخون، يضحكون. بدا كل شيء بسيطًا بالنسبة لهم... أما هي، فكانت تقبض على رسغ يدها بقوة، مترددة، متأملة.
"آريا!" نادت مارغريت من الداخل. "العشاء جاهز، الجميع إلى الطاولة."
وقفت ببطء، نفضت تنورتها، ودخلت.
على الطاولة، كان الجميع يتحدث. نواه يحكي موقفًا طريفًا حصل له في المدرسة، وزاك يقاطع كل جملة بنكتة غريبة، بينما يحاول جون أن يحافظ على النظام.
جلست آريا على طرف الطاولة. لم تكن جائعة كثيرًا، لكنها حاولت أن تبدو مهتمة.
فجأة، قال إيليوت: "غدًا بعد المدرسة، سنذهب للعب كرة القدم في الحديقة... ألن تأتي معنا، آريا؟"
رفعت رأسها، نظرت إليه بدهشة.
"لا تجبري نفسك إن لم ترغبي،" قالت مارغريت بلطف، "لكن سيكون من الجميل لو خرجتِ قليلاً، الهواء النقي يساعدك على التفكير."
أومأت آريا بخجل، لكن عينيها لمعتا بشيء جديد. ربما لم تكن تريد الاعتراف بذلك، لكنها سئمت من الصمت.
⸻
في اليوم التالي، بعد المدرسة، ارتدت حذاءها الرياضي. لم تنتظر أن يطلب منها أحد الخروج. خرجت وحدها، وتقدّمت إلى حيث كان الأولاد يجمعون الكرة وأعواد الأشجار.
"هل... هل أستطيع اللعب معكم؟" قالت بصوت واضح، وإن كان خجولاً.
تجمّد الجميع لثوانٍ، ثم صاح أوين بحماس: "طبعًا! نحتاج إلى لاعبة في فريقي!"
قفزت آريا إلى الفريق بحذر، وبدأت تتحرك... ببطء أولاً، ثم أسرع. ضحكت عندما سقط نواه أرضًا بعد تعثره، وضربت الكرة بقوة كادت تُسقط إيليوت!
عند المساء، جلسوا جميعًا تحت الشجرة. أنفاسهم متقطعة من الجري، ملابسهم متسخة، لكنهم كانوا يضحكون.
"أنتِ لستِ سيئة أبداً!" قال زاك وهو يمد لها قطعة من الشوكولاتة.
أخذتها آريا بابتسامة صغيرة... لكنها كانت حقيقية.
وقبل أن يدخلوا إلى المنزل، استدارت آريا نحو السماء المظلمة، تنفست بعمق، وهمست لنفسها:
"أنا الان سعيدة جداً يا امي ..."
⸻
كان العشاء صاخبًا كعادته، الأولاد يتجادلون حول من فاز في لعبة اليوم، ومارغريت تحاول الحفاظ على النظام، بينما يمر جون بين الصحون وهو يحكي نكتة قديمة يضحك لها الجميع، رغم أنها لم تكن مضحكة.
آريا جلست بهدوء في طرف الطاولة، لكنها لم تكن صامتة كما العادة. شاركتهم الحديث قليلًا، أجابت على سؤال من إيليوت، وضحكت مع تعليق أوين. كانت خطوات صغيرة، لكنها كانت تشعر بها ضخمة في قلبها.
"آريا، مرري لي الملح!" قال زاك وهو يمد يده بعشوائية.
ناولته الملح بابتسامة، ثم رفعت نظرها نحو النافذة دون قصد... كانت الستائر نصف مغلقة، لكن من خلفها لمحَت ظلًا يبتعد عن الحديقة.
شهقت بهدوء.
"هل رأيتِ شيئًا؟" سأل نواه وهو يلاحظ نظرتها.
هزت رأسها بسرعة: "لا... لا شيء."
لكنها كانت قد رأت. شخص ما كان يراقب من بعيد. لم تكن متأكدة، لكنه بدا مألوفًا.
ولسبب لا تفهمه، قلبها بدأ ينبض بسرعة.ظلّت آريا تنظر نحو النافذة للحظات، ساكنة. كانت الظلال تختفي بين الأشجار، كأنها لم تكن هناك من الأساس. حاولت إقناع نفسها أن ما رأته مجرد خيال... ربما انعكاس الضوء... ربما وهم.
لكن في أعماقها، لم تكن متأكدة.
"آريا؟" ناداها جون وهو ينهض من كرسيه ليحمل بعض الصحون، "هل يمكنك مساعدتي في المطبخ؟"
"أجل، بالطبع." نهضت بسرعة، ممتنة للهروب من كل الأعين التي بدأت تلاحظ توترها.
بينما كانت تغسل الصحون إلى جانب مارغريت، سألها إيليوت من الباب وهو يتكئ عليه:
"هل ستلعبين معنا غدًا؟"رفعت رأسها إليه، متفاجئة من السؤال.
"لعب؟""نعم. سنذهب إلى التل خلف الغابة، هناك مكان رائع للتزحلق بالطين بعد المطر. الأولاد متحمسون، وأعتقد أنكِ ستستمتعين."
نظرت إليه بخوف طفيف، لكنها لم ترد أن تبدو جبانة، خاصة بعد ما حدث اليوم.
"حسناً... سأفكر.""تفكّرين؟ هذا يعني نعم، حسب قوانيننا." قال وضحك، قبل أن يختفي عن الباب.
ضحكت آريا بخفة، لكنها كانت تشعر بأن شيئًا ما يتغير داخلها. لأول مرة، لم يكن البيت فقط هو المكان الذي تشعر فيه بالأمان... بل بدأت تتقبل وجود الآخرين.
⸻

??? ????
??? ??????
Romance??? ?????? ???? ??? ??? ????? ??????? ?? ??? ????? ?? ???? ????? ?? ??? ?? ???? ???????. ?????? ????? ???? ?? ????? ?? ????????? ????? ??? ????? ????? ?????? ????? ?? ??????. ???? ??????? ???? ?? ?????? ?????? ??????? ????? ?????? ????... ?? ????. ?...