—
"بين رمادٍ ساكـنٍ، وشرارة لا تعرفُ الخوف"
—
الخامِس من يُوليو
4:00صَ
المنطِقة: مجهولة
لا صوت في هذا الصّباح الباكِر يُسمع إلاّ نعيق غِربان بعيد، أتُراه نذير شُؤم؟
الهواء راكد كصفحة لم يلمِسها خط قلم، سُكون تام.
ضوء الشّمس الخافتُ ينفذ عبر الستائِر الرمادية، لا يُدفّئ شيئًا، فقط يكشف الغُبار الذي ينام على حواف النافذة الخارجيّة
كأنّ الزمن نسي أن يتحرك
كـاز كان مستيقظًا بالفعل، لم يكن نائمًا أصلًا
جسده يتحرك بدقة ميكانيكية- خطوة، سكين، علبة طلقات، قناع أسود، كوب قهوة نصف بارد إحتساه دفعة واحِدة
لا صوت، لا أفكار، لا مشاعر..
فقط اِستعداد
الاِستعداد الدّائم هو ما يُبقيك على قيد الحياة
أو هكذا علّموه.. من عمرٍ لم يعد يتذكره.
هذه الشّقة ليست بيتًا، لا ذكريات فيها
فقط أربعة جدران تُراقبه كلما عاد حيًا
لا ألوان، لا روائح، لا شيء شخصي..
فقط فاصِلة توقُف مؤقّت، شيء مثل قاعة اِنتظار.. أو ربّما قفص يستريح فيه ما يُشبه كيان وحش.
"رنـن-"
الهاتف يهتزّ على الطاولة المعدنية بجانب السّرير، رنينُه خافت لكنه حاد، كأنّه حريص على اِيصال الإشارة دون أي اِستفزاز للمُستمِع
يرفع الهاتف
لا يتكلّم
لا حاجة للأسماء، إنّه رقم واحد لا غير على أي حال
"تم تعيين شريك جديد لك"
صوت المدير كان رتيبًا، بلا مقدمات
عبارة قُدمت كأمر أكثر منه كخبر، و كأنّه توقع رفضًا من الآخر، فجاءت لهجتُه تقطع الإعتراض الذي لم يُقل.
جديد
اِستوقفت ذهنه للحظات هذه الكلِمة، حدقت عيناه في الفراغ، بشرود
أصابعه تغلق الهاتف دون أن ينطق بحرف واحد
مهمة أخرى قادمة
شخص.. سيتشارك معه الزّناد مجددًا
—
في مكانٍ آخر..
كانت الشمس مُشعة تبتسم لها من السّماء، بينمَا هي تُنزل حقيبة ثقيلة من سيارة قديمة
"هل هذه الحقيبة فيها ملابس؟ أم جثة وأنا لا أدرِي؟"
قالتها وهي تجرّ الحقيبة وتكاد تسقط معها، تتمتم هي بشيء من التذمّر، تخاطب نفسها و هي تتجّه لبناية ما-
"آاخٍ منكِ يا أمي، هل حزمت مستلزماتي الضرورية في حقيبة السّفر هذه، أم إنزلقت كل أغراض البيت عبر يدكِ إلى الحقيبة مباشرة، هذا ثقِيل بحق!"
تلتفت هي بعد أن جذب شيء على الأرض الحجرية نظرها
"اُوه؟، بطاقة هويّة!، ربّما وقعت من أحد ما.."
تقلّبها في يدها لتُردف بشيء من التفاجُؤ، الذي سرعان ما تحول لحرج خرج من شفتيها كضحكة قصيرة
"مهلاً لحظة، هذه لي... يبدو أنّني لم أنتبه"
إيفلين
وجه تزيّنه إبتسامة واسِعة، عيونٌ فُضولية تتحرك أسرع من قدرة عقلِها على الاِستيعاب
أوّل يوم لها في هذا المجَال
أول مهمّة
و أول مُقابلة مع قتلة مأجورِين حقيقيّين، مُختلفين عن أولائِك في المسلسلات الدّرامية، الذين سلبُوا عقلها قبل قلبها في وقت مضَى من حياتِها
كانت تمضغُ علكة، تتحدّث مع السَائق الذي لم يجبها مطلقًا، تصنعُ أحاديث و تعلّق لوحدِها، و كما يبدو.. الرّجل منتصِف العمر ذاك قد نال كفايتهُ بالفعل، ثوان ليحلّ غبار إطارات سيارته المكان الذي تقف فيه، لقد غادر.
بعد أن وضعت بطاقة هويّتها في جيب سروال الجينز خاصتها، أكملت سيرها نحو المبنَى الهائل أمامها، يبدو كشرِكة ما بحجم ناطِحة سحاب
قبل أن تدفع تِلك البوابة اللولبيّة، التي عانت في البداية لِفهمها. تدلف وكأنها تقتحم مسرحية.. ترقُب تسلُط الأضواء عليها
قالت بصوت اِرتفع بعض الشيء و هي تجوب بنظرها في المكان بحماس فُضِح في نبرتها
"مرحبا.. هل من أحد هنا؟.. آمل أن يكون شريكي وسِيم، لكي يستحق الأمر العناء"
ثوان صمتٍ معدودة
قبل أن ينطِق صوت ما من خلفِها
"أهلاً بك يا آنسة، أنا من سيتولّى تدرِيبك"
تلتفت هي له، يتبخّر حماسُها فورًا و تتّسع عيناها، تُفلت الحقيبة من يدِها
"لا، يستحِيل..."
يعقِد هو حاجبيه، تتهكم تعابيرُه و كأنه يتسائل عن دوافِع تعلِيقها الغريب، و هي قطعًا لم تثقل على ذهنِه بإنتظار إجابة
"أ.أنت.. أنت أصلع!-"
—
—
﴿اللّهم صلِ و سلّم على نبيّنا محمد أولاً﴾
و السّلام على القُرّاء المارِين ثانيًا
أسعدتنِي زيارتكم، أهلاً بكم في عالمِي
أردت أن أقول شيء قبل أن نبدأ
إنّي لا أكتب لحصد مشاهدات أو رغبة في جعل عملي هذا "الحدث الرائج"
إنه فقط مجال مفتوح إتخذتُه ورقة بيضاء أُفرغ فيها بعض أفكاري، التي لا تلبث تتزاحم في ذهني المُتعب
طِيبُ مروركم وحده ينعشني لأكتب أكثر
أردت أن أطلب منكم شيء صغير إن لم يكن في ذلك مشقة
إني بشر مثلكم أصيب و اُخطئ، فإن اخطأت فصوّبوني، أنا إخترت هذه المنصة لكي اُنتقد نقدا يبنيني أكثر منه لكي اُشهر عملي
عملي هذا بإذن اللّه لن يحتوي على أفكار سامة أو أي تشجيع على سلوكيات تضرب في قيمنا، هذا ما سأعمل عليه، فإن رأيتم مني زلّة نبِهوني لها رجاءًا
كذلك، سأحب لو أرى وجودكم في التعليقات بين الفقرات، كي أعرفكنّ واحدة واحدة
و.. هذا فقط
دمتُم سالمين، موعدنا الفصل القادم
—