ها أنا أستيقظ مجدداً، على أنقاض يوم قد مضى، أضمد جروحي التي سيشفيها الزمن، لكن الزمن لا يشفى الجروح بل يعلمنا كيفية التعايش مع ألمها. ها هي شمس المستقبل المظلمة تحمل معها الكثير من الخبايا و الأسرار، يتسلل ضوئها المزعج من نافذة غرفتي ليرغمني على النهوض من سريري العتيق الذي سأم مني، الذي سأم من تقلباتي في كل ليلة لا أستطيع النوم فيها. أحضر قهوتي التي هي أنيس جسدي الوحيد الذي يستطيع مده بالقوة الكافية فقط ليستطيع إكمال يوم هادئ، مليئ بالضجيج. أراقب الحياة من نافذة غرفتي و هي تمر أمام عيني و لم أقم بفعل شيئ جديد إلى الأن، حياة يملؤها الملل و التشاؤم، أرى هذه الحياة على أنها مجرد محطة عابرة فقط ليعلم مصيره الأبدي الذي سيكون خلاصه. من سجن الحياة المؤقت إلى سجن الخلود النهائي الذي سيكون محطته الاخيرة التي سيمر بها. و بعد جلوس دام لساعتين برفقة قهوتي التي هي من قامت بتضميد جروحي، أمضي يومي كأي يوم ممل آخر، أجرجر جسدي الهزيل في أنحاء الكون الشاسع بينما عقلي يسبح في الفضاء الخارجي و يسافر بأفكاره إلى عالم آخر. أقابل أصدقائي الذين سأموا من وجودي و أفكاري الغريبة، وجودي الذي يجلب الطاقة السلبية معه أينما وصل، يتظاهرون باللطافة على وجوههم البريئة التي أرى تحتها الكثير من الحقد و الكره. و بينما هم مستمتعون بتجاهلي كالعادة أنسحب دون أثر و كأنني لم أكن موجوداً في الأساس. أسير وحيداً على شاطئ البحر أنتظر إنهياري السليم، الذي سيقوم بإراحتي من معظم آلامي و يخلص روحي من كتلة ابتعب التي أجبرت على الالتصاق بها، و بينما أقوم بجر جسدي، أجلس على كرسي خشبي قديم يأتي عجوز قد قامت بعجنه الأيام و خشنت يداه من قساوة القدر فأقول له: كيف نشرح للبحر أننا على اليابسة نغرق؟!!!
فأجابني قائلاً: يصعب على المرء أن يتجاوز شيئ تسبب في خدش روحه، فما هو الذي قام بخدش روحك الفتية التي لم تزهر بعد؟؟
فقلت له: كنت أبدو و كأنني أستطيع حمل العالم كله على كتفي و أنا بالكاد أحمل نفسي و نفسي لم تعد تقوى الإحتمال. فأنا أشعر بالبرد و لا أملك مكانا للإتصال بمنزلي، الجميع يكرهني و أشعر بالبرد الآن، ما من شيئ سيجعلني أتحسن الآن، فلدي الكثير من الهراء لأقوله، انا لا أستطيع البقاء في هذا المكان فالدموع تتساقط على وجهي من دون توقف، أنا أشعر بالبرد أكثر يوما بعد يوم فهل هي مشاعري أم هي روحي تخرج من جسدي؟؟ أنا أعلم أنهم يريدونني خارج طريقهم، سوف أنتهي و لكن سوف أكون بخير، انا فقط أحتاج لمساحة أكون فيها بخير، أشعر بكرههم عندما أمر بجانبهم، أرغب بالموت بسبب تقلباتي و أرغب بالبكاء بسبب جنوني، ولكن هل سوف يحبونني لو تغيرت؟ هل أنا ضائع أم متأخر؟ و لكن الشيئ الوحيد الذي أعلمه أنني سوف أموت قريباً ولا أستطيع الإنتظار. و كل ما أفعله هو كتابة المزيد من هذه النصوص الغبية التي لا تحمل أي مغزى من وجودها.
