抖阴社区

????? ??????: ???? ??????

39 11 0
                                        

لم تشعر سمر إلا وشخصٌ ما يمسكها من الخلف مقيدًا ذراعيها، ليتراجع بها للخلف في سرعة خاطفة لم تستوعبها، مستغلًا ذلك الدخان قبل أن يبدأ بالتلاشي شيئًا فشيئًا بسبب النوافذ المهشمة. انتبه يزن للأمر؛ فلكمه بقوةٍ وسحب زوجته من قبضته بسرعة. ولكن لحظتها؛ أوشك واحد آخر على ضرب رأس يزن بعقب مسدسه، لكنه هو من تلقى ضربةً في مؤخرة رأسه عوضًا عن ذلك. تهاوى الرجل على الأرض كاشفًا من بين الدخان عن مصطفى الذي كان واقفًا خلفه وهو يحمل مزهريةً بلورية كبيرة تلطخت بلونٍ أحمر قانٍ. تركها من فوره فَعَلا صوت تكسرها في المكان حالما ارتطمت بالأرضية المرمرية، ثم أمسك بذراع يزن يجره خلفه بسرعة وهو يحاول الخروج من الصالة، إلا أن يزن سحب يده من قبضته فورًا ودفع سمر إليه قائلًا بعجلة:
«اذهبا! سأحاول تأخيرهم!»
والتفت مسرعًا ليشتبك في قتالٍ بالأيدي مع اثنين آخرين. نظر له مصطفى بتردد وهو يدرك جيدًا أن الأولوية لسمر الآن، فحسم أمره سريعًا ودفعها من كتفيها للأمام -رغم أنها أطول منه- بينما يقول صارخًا ليزن:
«فلتصمد هناك حتى أعود إليك أيها العنيد!»
كان أغلب الدخان قد تلاشى، إلا أن مصطفى لم يلحظ ذلك الشخص الذي وقف على بُعد مسافة أمامهما وقد رفع مسدسه الفضي مصوِّبًا إياه نحوهما، وقبل أن يسعفه عقله الهَلِعُ بشيء يخلصهما من هذا الموقف المفاجئ والخطير، وقبل حتى أن يُحرّك سمر من أمامه ويعيدها خلفه في محاولة غريزية لحمايتها؛ دوى صوت الطلق الناري وتصاعد الدخان مزهوًا من فوهة المسدس بعد أن أصاب فريسته بنجاح؛ لتسقط غارقة بدمائها. مرت تلك اللحظات بطيئة على مصطفى الذي احتبست أنفاسه للحظات من هول الصدمة، فنظر بعيون متسعةٍ لسمر التي تصنمت مكانها وهي لا تزال موجّهةً المسدس الذي تحمله -ذا اللون الفضي أيضًا- للمكان حيث كان ذلك الشخص واقفًا. وفي ظرف ثوانٍ معدودة وبينما لا يزالان تحت تأثير صدمتهما، شعرا بمن يدفعهما للأمام بعنف وهو يحثهما على الحراك، وصوت يزن الصارخ يطرق آذانهما وهو يقول بعجل:
«فلتتحركا ليس لدينا وقت لنضيعه! إنهم يتوافدون باستمرار!»
ركضوا جميعًا باتجاه الباب، وقبل أن يتجاوزوه؛ أدركت سمر أنها قد لمحت شيئًا مألوفًا في المكان، فالتفتت برأسها للوراء أثناء ركضها، وللحظة؛ التقت عيناها بعينيه الزرقاء، ورأت ثغره المبتسم ينفرج وشفتاه تتحركان بحروفٍ شكلتْ كلمةً قالها دون صوت. نجح الثلاثة بالخروج من الصالة قبل أن تصيبهم الطلقات التي انثالت عليهم من المقتحمين الذين هموا باللحاق بهم، لولا أنَّ صاحب اللكنة الغريبة ذاك -والذي نعت يزن بالجرذ وهو يبتسم- قد أوقفهم بحركة من يده وهو يقترب منهم، تاركًا ركن الصالة أخيرًا حيث كان واقفًا طوال لحظات الصراع، وهو يتفرج باستمتاع على كل ما كان يجري. خاطب رجاله مستهزءًا ومتهكمًا بفرنسيةٍ طليقة:
«كيف لثلاثةٍ أحدهم رجل عجوز والآخر امرأة أن يفروا منكم أيها الأغبياء؟»
لم يكن ينتظر إجابةً منهم على سؤاله ذاك، ولم يكن غاضبًا منهم حتى، بل كان على النقيض تمامًا؛ إذ كان يبدو عليه الحماس، وابتسامته تلك -اللعوبة والمجنونة في الآن ذاته- قد امتدت حتى أذنيه وهي تكاد تشق ثغره، ليردف قائلًا:
«دعوهم للآن، أريد أن أرى كيف لجرذانٍ أن تهرب من قفصٍ مغلق!»
وختم جملته تلك بأن أطلقَ ضحكة عالية اهتز معها جسده كمن كان به مسٌّ من الجان. رفع جهازًا لاسلكيًا أخرجه من أحد جيوب سترته العسكرية ذات لون الرمال، ليتحدث فيه قائلًا للطرف الآخر بذات الفرنسية:
«أغلقوا كافة مخارج هذا المكان ولا تسمحوا حتى لذبابة بالخروج أو الدخول! أهذا مفهوم؟!»
هز رأسه برضى بعد أن سمع الإجابة، وكاد أن يعيد اللاسلكي إلى جيبه لكنه غير رأيه فجأة، ليقربه من فمه مجددًا وهو يتحدث من خلاله قائلًا:
«انسحبوا جميعًا من داخل القصر واحرسوا الأبواب والنوافذ من الخارج فقط.»
استغرب الرجل -الذي يحادثه عبر اللاسلكي- الأمر، فقال بتلقائية وعفوية ناسيًا شخصية قائده:
«ولكن ألن يكون التخلص منهم أسهل لو التزمنا بالخطة وبقي توزيع الرجال كما هو بالداخل والخارج؟»
استفزه سؤال الرجل الذي عدّه اعتراضًا على كلامه، فاستعرَّ غضبه في لحظة صرخ معها في اللاسلكي قائلًا:
«فلتنفذ ما أمرتك به دون اعتراض أيها اللعين!»
وبما أنه خشي أن يُجنّ جنونه فيذيقه هو الويل بدلًا عن أهدافهم؛ سارع ذلك الرجل ليقول بنبرة لم يملك ارتجافها:
«كما تشاء سيدي!»
«اعترِضْ مجددًا وبعدها لن تملكَ لسانًا لتعترضَ به!»
قالها بحدة وأعاد اللاسلكي إلى مكانه فورًا، ثم نظر إلى أحد الذين كانوا معه رافعًا سبابته في وجهه وهو يقول له:
«أنت! فلتتخلص من هذا الحقير حالما ننهي ما جئنا لأجله.»
هز المعني رأسه، ورأى قائده يلتفت إلى الباب ناظرًا إلى أثر أولئك الثلاثة. ولمّا تذكر الأخير الفكرة التي دارت في خلده؛ انخمد غضبه تمامًا في لحظة كما بدأ، فمشى الهوينى نحو الباب وهو يُلقّم سلاحه الذهبي بينما يهمس بمتعة عارمة:
«فلتبدأ لعبة القط والفأر!»

?????????? ???? ?????. ????? ????