حتى وأنا اجلس معهم،.. لا يفارقني ذلك الشعور،.. كأن كل شيء امامي لَوحَة كُتِبَ عليها..
" أنت وحيد "...
.............................................................
...................................................................
ألمانـيا، مدينـة المجـازر قديمـا، بـرلين :
السـاعة تشيـر إلـى سابعـة مسـاءََ
19:00 pm
بـالتحديـد مـطار برليـن بـراندنبـرغ العاصـمة :
حدقتـيها الزرقـاء كانـت تشاهد غـروب الشـمس مـن نافـذة الطـائـرة المدينـة التـي سلبـت منـها أعز النـاس.. فـي طائرتـها الخاصـة رفقـة صـديق طفولتـها ييـنغ لـي ، كان الزعيم الأكبر - جد يينغ لي - قد أصر على حضوره معها قبل أسبوع تقريبا منذ آخر مكالمة لها مع ألبرت - جدها -.
ألمانيا بلد لطالما تهربت منه، كرهته أكثر مما كرهت نفسها، و قد عاهدت نفسها ألا تعود إليه ابدا.. و حقيقة أنها فوق أراضيه الآن جعل غشاء من البرودة يحاوطها تشعر به داخل عظامها ، إن تعود لدولة التي طردت منها لم يزدها شيئا سوى توسيع فجوة الفراغ داخلها، لطالما عزمت ألمانيا على سلب منها كل شيء، سلبت حب والدتها، شوهت طفولتها، و خطفت منها سبب حبها للحياة، ألمانيا تعرف فقط الأخذ و لا تؤمن بمقولة الأخذ و العطاء.
تـردد صـوت مضيفـة الطـيران تـعلن عـن هبـوط الطائـرة وضـرورة وضـع حـزام الأمـان.
أدارت رأسها لكي تقوم بإيقاظِ لِي فهو ينام منذ حوالي عشرِ ساعات... فمدة الرحلة من الصين إلى ألمانيا تستغرق حوالي 13 ساعة و 35 دقيقة...
لازالت مستغربة كيف يمكنه نوم 10 ساعات... هي لم تستطع نوم سوى ساعة واحدة كاملة وظلت طوال الرحلة تقوم بأعمالها...
كيف يمكنه نوم كل هذا الوقت؟... هذا هو سؤال الذي كان يخطر على بالها بمجرد نظر إليه...
نبست بنبرة تستطيع ملاحظة انها لم تعد تتحمل قابع جانبها :
"لِي استيقظ... استيقظ ايها الكوالا الا تشبع من نوم"
انها تحاول معه منذ خمس دقائق ولا يستيقظ ...حسنا لم يعد بإمكانها سوى هذه الطريقة... أمسكت كأس الماء موضوع جانبها ولم تستغرق ثواني وهاهي نجحت الطريقة...
"اللعنة... ماذا يحدث...أورورا ألن تتوقفي عن عاداتك"
صاح بها يلعن...فهذه هي طريقة أورورا ليست اول مرة تفعلها... دائما... ماذا يمكنها ان تفعل اذا كانت نومه ثقيل.. فهو اذا قامت الحرب نووية بجانبه لن يستيقظ.
"ماذا يمكنني أن أفعل انني هنا منذ خمس دقائق احاول جعلك تستيقظ ولكنك مجرد كوالا لعين لا يشبع من نوم "
اجابته مع قهقهتا الخافتة التي أظهرت عمق غمازاتها وفتنتها... فاكملت قائلة :
"حسنا قم بوضع حزام الأمان لقد اوشكنا على الهبوط "
فما كان منه سوى انصياع لها وظهور ابتسامته فورا ما سمع صوت ضحكتها الخافتة....
لطالما كانت صداقتهم مميزة وصادقة رغم إختلاف شخصيتهم... ف لِي يحب كل ماهو صاخب وضجيج يلاحقه أينما كان.. متهور لا يفكر مريتن عكس أورورا التي تحب الهدوء و لا تفعل شيء دون خطط مستقبلية... لكنها تحبه جدا فهي تعتبره اكثر من مجرد صديق انه بمثابة شقيقها الذي تعزه كثيرا...
وهاهي تحط اول خطواتها في أرض ألمانيا بعدما قامت بمسح ابتسامتها التي كان سببها لِي..
تزرع الأرض بأول خطواتها ثابتة مع كعبها الأسود العالي... حيث كانت ترتدي قميص شفاف من أعلى اسود لون يظهر عضمة ترقوتها البارزة مع جينز ازرق فاتح..وشعر مجموع على شكل كعكة منخفضة وخصلات شقراء تمردت تحاوط وجهها ملائكي...
بجانبها يسير يينغ لي بملامحه الاسيوية الجامدة ونظراته البارة... ليس وكانه نفس الشخص الذي كان قبل قليل يضحك ويلقي نكته على أورورا...
امام بوابة المطار وجد سرف من سيارات سوداء... تقدم رجل ضخم اسمر البشرة مع وجود سماعات على اذنه... وقف أمامها يلقي عليها تحية قائلا :
"أهلاً بك آنسة أورورا... انا رئيس الحرس يمكنكي مناداتي جوناس.. أرسلني سيد ألبرت لكي أوصلك إلى القصر"
بملامح باردة كأنها من القطب الشمالي...وبنبرة هادئة ورسمية ردت عليه :
"مرحبا سيد جوناس... تشرفت بمعرفتك "
"تقدمي آنسة أورورا و سيد؟.."
توقف بعدما لاحظ انه لايعرف اسم الواقف بجانبها... فرد عليه لِي بألمانية متقنة جعلت من أمامه يتعجب... بنفس النبرة اردف قائلا :
"مرحبا سيد جوناس... معك يينغ لي حفيد سيد تشانغ تشان شان"
فرد عليه رئيس الحرس :
" تشرفت بمقابلتك سيد يينغ لي... تفضلوا من فضلكم "
تقدمت أورورا رفقة لِي يدلف كلاهما السيارة بعدما فتح الحارس الاخر الذي كان يقف أمام بابها ...
انطلقت السيارة حيث تتقدم سيارات الحرس أمامهم و من خلفهم كذلك.. لم تنبس بكلمة واحدة طوال الطريق تلاحظ شوارع برلين المكتظمة بأُناسها ، المدينة التي غادرتها منذ إحدى عشر سنة مكسورة الجناح وعادت أقوى وبجناح أكبر هذه المرة...
بعد مرور حوالي عشرون دقيقة ، هاهي تلاحظ بوابة حديدية كبيرة وحرس منتشر على طول البوابة وتقسم انها لاحظت طيفهم في الغابات التي تحيط بالقصر طوال الطريق...
توقف ذلك السرف من السيارات ينتظر فتح البوابة الالكترونية ، وبعد دقيقة كاملة فتحت البوابة ببطأ شديد تسمح لأعينها شبيهة البحار بلمح ذاك القصر الذي أخفته أشجار الصنوبر الضخمة ، لقد كان قصر عائلتها و من تحمل دمائهم...
تقدمت السيارات السوداء و تحركت السيارة التي تقبع داخلها أيضا ، ثواني قليلة لا تعد بالأصابع وأصبح قصر عائلة شوارز ظاهراََ.... لحظات ومرت على أعينها سماوية الزرقاء جميع شريط ذكرياتها منها من هي جميلة و أكثرها المؤلمة...
امام باب ذاك القصر الذي زيّن بنقشات و زخرفات قديمة تبرز عراقته و رقيه الذي يعود للعصور الوسطى ، بواجهة بديعة حيث تلك النافورة الكبيرة الذي توسطها ملاكٌ تتدفق منه مياه صافية يطلق صوت خريراً جميل لمسامع....
وقفت أمامه من يطلق عليها إسمه عائلتها ، كل من والدتها ، والدها..شقيقها الاكبر...اختها صغيرة...جدها كبير العائلة ، أعمامها و زوجاتهم وابنائهم كذلك ، على ما يبدو أن العائلة اجتمعت اليوم لاستقبالها...
دارت السيارة على تلك النافورة الجميلة متوقفةً امام باب القصر الذي يبعد بثلاث دراجات عالية ،...
"هل انت بخير ؟،.. "
صوت يينغ لِي متسائلا أخرجها من متاهة أفكارها، حركت زرقة أعينها عن واجهة القصر ، حيث تلك نظرة الباردة التي نمت على ملامحها الهادئة و قبل خروجه أومأت برأسها فقط ، يعرف هذه النظرة جيدا لكنه فقط إبتسم بتوتر يخرج من السيارة ...
أول من ترجل من السيارة كان يينغ لِي ثواني قليلة و ترجلت من بعده الحفيدة الكبرى... أورورا.... تقف أمامهم بملامحها الجميلة لا بل اقل ما يُقال عنها فاتنة بمعنى الكلمة ، و اعينها خلابة تمررهم بهدوء حيث أصبحت داكنة لون ولا تستطيع تمييز أهي زرقاء ام سوداء...
الكل تفاجئ من جمالها ملائكي المثير وانا اعنيها!... فالكل توقف متجمداً مكانه مع افواهه مفتوحة ، يرون تغير الكبير الذي ظهر على مظهرها الرقيق و الجميل ، فمن غادرت القصر في ذلك الوقت كانت مجرد طفلة صغيرة ، و من يقف أمامهم الآن امرأة جمعت جميع علامات الإثارة و الجمال بمنحنيات كأنها نحثت من قبل فنان ما في العصر الإغريقي...
الشخص الوحيد الذي تدارك الوضع كان ألبرت جدها الذي قابلها مسبقاََ ، اقترب منها مع ابتسامة واسعة مرحِبا بها وآخذها في أحضانه...
"مرحبا حفيدتي الجميلة...شرفت القصر بعودتك ؟.. كيف حالك حفيدتي ؟... "
بادلته أورورا الحضن تربث على ظهره بخفة ، رادفتا بعدما ابتعد عنها بنبرة هادئة طغت عليها حروف اللغة الصينية الصعبة تجعل نبرة صوتها مميزة قائلةً :
"بخير جدي.. كيف حالك انت ايضا؟!.. "
لازالت أعين الجميع عليها يستمعون إلى ذاك الصوت أنثوي مميز الهادئ الذي خرج من نبرتها الباردة ، لقد كبرت و أصبحت امرأة بالغة مستقلة عنهم ، لا كلمة تعبر عن اندهاشهم و تفاجئ الكبير المرسوم على تعابيرهم مختلفة ، منصدمون وسؤال الوحيد الذي يتردد في اذهانهم : هل هذه نفسها أورورا الصغيرة التي غادرت منذ 11 سنة ؟ كيف أصبحت هكذا ؟ هل هذه حقا أورورا ؟
تحدث ألبرت بنبرته الحنونة و كلماته القليلة مخرجا اياهم من سهوة أفكارهم ، قائلاً :
"بخير حفيدتي بعد رؤيتك بين عائلتك !.. مرحبا بك يينغ لي!... "
التفت يينغ لي فور سماع إسمه ، بعدما كان يمرر أعينه الحادة مسحوبة بشكل ضيق و مثير يمررها على أفراد العائلة ، مدّ ألبرت ذراعه بغرض مصافحة حفيد صديقه و لم يدم وقت طويل حتى بادله يينغ لي تحية مع شبح إبتسامة مرسومة على ملامحه الآسيوية ، فهو على معرفة به من خلال زياراته لهم في الصين... قائلا :
" شكرا سيد آلبرت!.. أبلغك بسلام جدي تشانغ تشان شان ، ينتظر زيارتك القريبة له... "
أجاب ألبرت قائلا بينما يشير بذراعه بنية التقدم لداخل :
"يسرني ذلك بالطبع!.. تفضلوا لداخل... "
في حين أن أورورا رفعت زرقة اعينها تمررها على من يعتبرون عائلتها بملامح حادة وباردة برودة الشتاء في روسيا ...
مدّ ألبرت ذراعه إلى حفيدته على الطريقة التي تعود إلى العصور القديمة للأميرات و الطبقة المخملية في حين أن أورورا لبت طلبه مع ابتسامة هادئة.. خطوات وهاهي تقف أمام أفراد عائلتها مباشرة لا يفصل بينهم اكثر من ثلاث خطوات...
و من أعطى ردت فعل تلقائية كانت والدتها أولْيِيندا التي رفعت كلتا ذراعيها في صدد معانقة إبنتها الكبرى ... لكن لم تتلقى منها سوى البرود مع رفعها لأناملها تلقي عليها التحية بشكل بارد كصعيق... بنبرة تشبح ملامحها الخاوية من التعابير قائلة :
"مرحبا السيدة أولييندا!..."
لم تترك والدتها تقترب منها أو تعانقها بل مدت يدها وتكلمت بصوت حاد وبارد... كأن التي تقف أمامها مجرد امرأة لا تجمعها معها اي علاقة سوى الدماء التي تسري في عروقها...
هل قلت انهم انصدموا من قبل اسفة ولكن هذه الصدمة التي بها هم الآن كانت أكبر بكثير من أولى ...
" ابنتي ماذا يحدث ؟،.. هذه التي تتحدثين معها والدتك ، كيف تتحدثين معها هكذا؟"
وهذا كان صوت والدها كيفن الذي تحدث بنبرة عالية قليلا ممزوجة مع صدمته من تعامل طفلته مع والدتها ، دفعت بأعينها الزرقاء الباردة من أعين أمها منصدمة التي لمعة بقطرات مالحة و أصبحت على وشك ذرف الدموع إلى أبيها ... فهي الآن تعتبر خسرت طفلين وليس واحد فقط ... أو ربما فقط أرادت تقليل من شعورها بالذنب.
بنفس نبرتها الباردة الخالية من أي مشاعر تذكر اردفت وهي تنظر إلى أعمق نقطة في عينين والدها الشبيهة لخاصتها قائلة :
"سيد كيفن أقلتُ شيء خاطئ... لا أعتقد أنني كذلك.. أو لست كذلك؟! "
بينما هو لم يستطع النظر لداخل مجرتيها ، إنه متأكد ان هذه ليست ابنته... لقد انطفأت لمعة أعينها الخلابة ، مثل ذلك اليوم المنحوس الذي وُجدت فيه معانقة جثة توأمها وغارقة في حفرة من الدماء..
أحس بخنجر أصابه و أخد يفتك في قلبه و يتفنن في تزيينه عندما نطقت "سيد كيفن"، لقد اشتاق لكلمة ابي من ثغرها... طفلته المميزة لم تكن كثيرة الحركة و مشاغبة بل كانت هادئة جدا ولم تكن تتفاعل كثيرا الا مع أدريان توأمها ...
أصبحت الأجواء متوثرة للغاية ولكل يتبادل نظرات الصدمة و الدهشة مما يحدث !.. ولم يقطع هذه الأجواء المشحونة سوى شقيقها الأكبر إيثان الذي طلب من الجميع الدخول إلى داخل ولا يجوز تحدث في الخارج...
وبالفعل امتثل الجميع إلى طلبه كيف لا وهو زعيمهم... أمعن نظر في أخته الواقفة أمامه - حبة النبق - و أردف بصوت الهادئ مع بحة صوته الخشنة قائلا :
" تفضلي حبة النبقِ إلى الداخل.... لابد أنك متعبة من سفر الطويل.. "
حبة النبق !.. هذا مارددته في نفسها وهي تنظر إليه ، لقب لطالما نده به عليها كثيرا في الماضي...
قاعة الجلوس ضخمة ذات تصميم فكتوري ، حيث إتخذ الجميع مجلسا له على الاريكة... إلا أورورا التي ظلت واقفة رفقة يينغ لِي ، مرت لحظات قليلة و نبست بهدوء تطلق تلك نغمات الصوتية المميزة عن غيرها قائلة :
"بما اننا تقابلنا جدي... أظن انني بحاجة إلى راحة الآن!.. الرحلة كانت طويلة كما تعلم.. "
ببساطة تجاهلت الكل ، لم تعطهم اعتبار وتكلمت فقط مع جدها تطلب منه الإذن بالذهاب ... لا شخص هنا يعرف ماذا يوجد داخلها ؟!. صحيح انها تقف ثابتة لا يظهر من ملامحها الجميلة شيء سوى الهدوء ولا مبالاة ، لكن كل ثانية تمر وسط عائلتها تُذكرها بتوأمها كيف كانوا يلعبون هنا في نفس المكان وكيف مات أمام أعينها كذلك بكل بساطة مغادراً تاركاً إياها وحيدة ...
لبى الجد طلب حفيدته وناد على الخادمة كي تقلهم إلى غرفهم ، رد قائلا :
"حسنا حفيدتي هاهي الخادمة تدلكم على غرف كليكما أنتِ و يينغ لِي... وعندما ترتاحين سوف نتحدث فيما بعد... "
أومأت له بخفة ثم تحركت بعدما أشارت بيدها ليينغ لِي الذي طوال المحادثة لم يهتم لما يحدث او يقال !.. وهو يحدق في أختها الصغرى إلينا ، لقد انصهرت من نظراته ولم تستطع حتى رفع اعينها لنظر إلى شقيقتها ، الجميع لم يلاحظ نظراته من غير أورورا التي تحفظه و تعرف تصرفاته عن ظهر غيب ...
لذا فقط تكلمت معه بالصينية بعدما رفض التحرك بعد أن أشارت له ، قائلة :
"أيها الوغد... لقد أكلتها بنظراتك يا زير النساء !.. "
بينما أفراد الأسرة تحركت أعينهم من بينهم لا يفقهوا شيئا مما يتحدثون عنه... قهقهة أطلقها يينغ لِي و أجاب بينما يتبع أورورا قائلا :
"لم تخبريني أن النساء الألمانيات جميلات إلى هذا الحد... "
قلبت أورورا زرقة أعينها بملل و إلتفتت عاقدة حاجبيها الشهباء المرسومة بدقة عالية قائلة :
"ماذا؟.. أتقول أنني ليس جميلة الآن؟،.. "
شهق يينغ لي بدرامية ، بينما حاوط كتفها بذراعه المعضلة المليئة بالوشوم قائلا :
"أنا!.. متى قلت ذلك؟.. أنتِ أختي الفاتنة وليست فقط جميلة... أنتِ فتنة تمشي على الأرض اتعلمين هذا.. "
اكملوا وجهتهم صاعدين درجات السلم مكملين حديثهم الذي يجاهد فيه يينغ لِي لجعل أورورا تنسى و لو قليلا...
كل هذه المحادثة تمت امام كل عائلتها... ولم يفهم شخص محادثتهم غير جدها الذي ضحك على طريقة تحدث يينغ لِي الدرامية...
.
.
.
.
في مكان آخر :
حيث رواق فخم وطويل يمشي جسد ضخم بخطوات ثابتة و شامخة كجبال ، متجه إلى مكتبه حيث تنتظره كومة من الأوراق التي يجب عليه توقيعها...
دلف إلى مكتبه بعد أن ألقى نظرة على مكتب السكرتير (المساعد) الذي كان خاليا ، تقدم بخطوات غير مسموعة و جلس خلف طاولة المكتب الكبيرة يمرر أعينه الرصاصية الباردة على الملفات أمامه بتركيز و دقة كبيرة ...
طرقات على الباب يليها دخول مساعده لا بل هو صديقه المقرب والشخص الوحيد الذي يضع ثقته كاملة به... مع ابتسامته لعوبة التي ترتسم على ملامحه الرجولية ...
وكان أول شيء يقوله هو :
"لقد وصلت!"
قطب المعني حاجبيه الغليضتان للحظة فقط... ثم تجاهل الواقف أمامه مكملا عمله... لكن الآخر لديه رأى آخر حيث اقترب من المكتب زعيمه واردف :
"ألا تسمعني... لقد اخبرتك انها وصلت... زوجتك المستقبلية نزلت من طائرة تقريبا منذ ساعة كاملة"
الرد الوحيد الذي تلقاه كان :
"أين هو المهم في هذا إدوارد... على كل هل احضرت ملف الأسلحة التي سوف يتم إصدارها إلى النمسا"
نِسبة له الأسلحة التي سوف يصدرها إلى نمسا البلد المجاور له أهم من الملقبة بزوجته المستقبلية ، الشيء الوحيد الذي يعرفه عنها هو إسمها أورورا شوارز حفيدة عائلة شوارز الكبرى ، العائلة التي تجمع بينهما عداوة قديمة...
دمدم إدوارد قائلا :
" أجل احضرته إنه الملف اسود على جانبك... هل حقا لا تهتم برؤية صورتها أرتونو إنها فتنة!.. أقسم على أنها كذلك عليك رؤية شعرها أشقر طويل لم أرى مثيلا لـ..."
علقت كلماته و توقفت في حلقه بعد رؤية نظرات الباردة و القاتلة الموجهة من قبل زعيمه وصديقه...
ابتلع ريقه ثم اردف قائلا :
"حسنا إنني امزح معك يا صاح على كل سوف تقابلها بعد ثلاث أيام لما أتعب نفسي في تكلم معك... "
أكمل مخاطب نفسه قائلا : 'حينها سوف أرى إذا كنت مهتما أم لا' ..
تحدث أرتونو مخرجا إياه من أفكاره بنبرة صوته الرجولية و المثيرة ... تحيط به هالة من فخامة والجمال نابساً :
"هل هناك أي تحركات من قبل عائلة شوارز أو مشاكل في حدود التي تحيط بنا؟!.. "
تنهد إدوارد وجلس على الاريكة السوداء قائلا :
" لا لم تحدث اي مشاكل من الأسبوع الماضي الذي قررتم فيه صلح بين عائلتين ، جميع شحنات المخدرات و الأسلحة تمر من دون أي عقبات... بالعكس هذا سهل علينا خدمتنا أفضل من أول.. "
صلح الذي توصل إليه الجد الأكبر لعائلة شوارز والجد الأكبر لعائلة إينفنيون عن طريق العادة القديمة التي يحل بها الخلاف و العداوة قديما ، و هي زواج الابن الأكبر لعائلة إينفنيون و الحفيدة الأكبر كذلك لعائلة شوارز الذين يملكون دماء النبيلة و النقية لكلتا العائلتين الموروثة عبر أجيال كثيرة ...
استقام إدوارد من مضجعه قائلا :
" سوف أغادر الآن... آلن تغادر انت كذلك؟"
نفى أرتونو برأسه ثم أردف قائلا :
"لا سوف أغادر بعد ساعة تقريبا .. وإلى أين أنت ذاهب و تارك مديرك خلفك ! "
أجاب إدوارد بابتسامة واسعة قائلا :
"إلى أين تظنني ذاهب؟،.. بالتأكيد لكي أحضى بقليل من المرح !.. هل تود القدوم ؟ صدقني لن تندم على ذلك... "
ضحك أرتونو بخفة مظهر جمال ابتسامته المثيرة و وصف أسنانه ناصعة الأبياض ، و رد عليه بسخرية كبيرة ظهرت في كلماته القليلة قائلا :
"ضاجع جيدا... وشكرا لا أود القدوم... "
قهقه عالية أطلقها إدوارد و قال من بعدها :
"أنت خاسر ايها الوغد... أراك لاحقا "
من بعدها غادر متجها إلى الملهى! أو كما يطلق عليه ، القليل من المرح ... في حين أن أرتونو أكمل كومة أعماله ، حيث توقف ثواني مرددا اسم زوجته المستقبلية بصوت هامس يكاد يسمع "أورورا... أورورا... الشفق! إسم جميل!.." تنهد نافضا تلك الأفكار و التساؤلات عنها مكملا عمله ثم رجوع إلى قصره لكي يحصل على قسط من الراحة .
يتبع...
🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬
مرحبا أعزائي القراء كيف حالكم؟ 😘
فصل خفيف ظريف 😭😭
أول ظهور لـ أرتونو 😭🛐
هذا الفصل يعجبني من ناحية أحداثه و سرده البسيط يذكرني بأيام الخوالي، و كيف كنت 🍓🦋.
تهمني ارائكم عزيزاتي 👀.
و تصويت كذلك، ضعي نجمة ⭐ .