抖阴社区

52|?? ???????.

175 26 38
                                        

صلِّ على النبي.
سبحان الله بحمده سبحان الله العظيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اتكأت إيريس على خزانة مكتظة بالكتب العسكرية، أنفاسها مضطربة، وأطرافها باردة، كأن صدمةً نكأت قلبها حتى تصدّع عالمها وانشقّ.


في يديها، ارتجفت الوثيقة، وتبعثرت الحروف أمام عينيها كأسرى يفرّون من ذاكرةٍ منهارة، وغامت رؤيتها حتى صارت القراءة ضربًا من الوهم.

تسارعت نبضاتها كأن الزمن يركض خلفها والماضي يُطبق على صدرها بثقلٍ لا يُحتمل، كجاثومٍ استوطن الحاضر، وبشرتها شاحبة كأن الحياة تتهيأ لوداعها.

أذناها تطنّان، وصدرها يعلو ويهبط بأنفاس واهنة، ودمعٌ مكبوت يلمع في عينيها بمرارة تأخرت دهرًا. ارتجفت شفتيها، ولم تسعفها الكلمات.

وأخيرًا رفعت بصرها نحو أنطونيو، المستند بصمت على حافة المكتب الخشبي، يرقبها بنظرة هادئة، ولكن عيناه ارتجفتا عندما انحدرت دمعتها الأولى، كما لو أن سقوطها مزّق سكينته.

«إيريس…».

ارتمت إيريس على الأرض كأن قدميها خانتاها، وارتطم ظهرها برفق بالخزانة، تهاوت الوثيقة من يدها، وتبعثرت أوراقها كما تبعثرت أنفاسها، وانطلق نشيجها أخيرًا، غائرًا كخنجر في صدر الصمت.

ركع أنطونيو أمامها، عيناها المغمضتان تتصبّبان دموعًا صامتة، وكتفاها يهتزان بانهيارٍ لم يجرؤ أحد على رؤيته يومًا.

مدّ ذراعيه ببطء كأن يديه تخافان جرحها، ثم جذبها إليه، واحتضنها، وألصق وجهها بصدره كأنما يخبّئها عن العالم.
لم تقاوم.
بل انهارت في حضنه، وبكت كما لم تبكِ من قبل.

«لماذا يا أبي…؟».

خرجت الكلمات من بين شهقاتها كأنياب تتكسّر، كأن صدرها انشطر لتلد وجعًا تأخّر عمرًا.

«ثلاثون عامًا أحمي اسمك… وأُكذّب من يلعنك… وأحارب لأثبت أنك لست كما قالوا… وأنت… وأنت… تبرّأت مني؟!».

ضمّها أنطونيو أقوى، ويده ترتجف وهي تفكّ مشبك شعرها، ويمرّ بأصابعه في خصلاتها ليريح رأسها على عنقه.

همس بصوت لا يكاد يُسمع، كأن خوفه من كسرها أكبر من حزنه:
«إيريس… لستِ وحدك… لستِ وحدك…».

لكنها لم تسمع، أو لعلها سمعت ولم تعبأ.
كانت تبكي كما تبكي من لا ينتظر إنصافًا، تبكي كأنها سقطت من جرفٍ إلى هاوية لا قرار لها.

شهقت بشدّة، وكأن الهواء ضاق في رئتيها، فانتبه أنطونيو لتوترها، وفتح زر قميصها العلوي برفق، ثم وضع يده خلف عنقها يهدّئها، ويهمس بكلمات لا يفهمها إلا من اعتاد مواساة المذبوحين:

??? ??????? ???. ??? ???? ?????. ????? ????