اصبح بهرام قائد الجيش الجديد رسمياً ، لم يصدق الجميع ماحدث حتى الجنود. تعجب الجميع لامره جداً كيف لشاب زائر ان يصبح قائد الجيش بهذه السهولة ؟! كان يدرب الجنود بمهارة و كأنه معتاد على هذا الامر لكنه بالطبع لم يعطيهم جميع خبراته او امكانياته في القتال و رغم ذلك كانوا منبهرون به. احببته العائلة الملكية و كان يأكل معهم العشاء او الغداء و كان يستغل هذه الفرصة ليقابل الاميرة و يتحدث معها ، كان كل شيءٍ على ما يرام لكن من المفترض ان يبدأ بهرام بعمله و يرسل للملك الاريك بعض المعلومات دون ان يشك فيه احد.
في احد الايام ليلاً ، بدأ بهرام في تجميع بعض المعلومات و كتابتها ليرسلها للملك مُشفرة. كتب له : الجيشلايبدوقوياً،امكانياتهممحدودةفيالقتالوكذلكقائدهم . حراسالقلعةاقوياءومتنبهونويحرسونكلمكان. بعدها وضع هذه الورقة في حقيبته و خرج من مخدعه في منتصف الليل ليتفحص القلعة جيداً. كان بها مصابيح مشتعلة بها النار مُعلقة اعلى الجدران الضخمة و بالرغم من هذا كانت مظلمة و مخيفة ، كانت النوافذ دائماً مغلقة مما يجعل الاجواء دافئة داخل القلعة دائماً. في بعض الاماكن في القلعة كانت النوافذ صغيرة مربعة و توجد اعلى الجدار لاسباب دفاعية.
فجأة و بهرام يسير في القلعة متفحصاً قال صوتٌ مألوفٌ من خلفه :"ماذا تفعل هنا في هذا الوقت المتأخر ايها القائد؟" نظر بهرام خلفه ليجد الاميرة تتحدث ، ارتبك بهرام لكنه تصرف بسرعة و انحنى لها قائلاً :"مولاتي الاميرة ، اتأسف لازعاجك في هذا الوقت المتأخر اني فقط كنتُ اشعر بالملل لذلك خرجت من مخدعي اذا كان هذا يزعج سموك فا سأعود الى مخدعي فوراً" قالت له الاميرة :"لا ! لم اقصد ذلك .... اتعلم؟ اني ايضاً اشعر بالملل قليلاً" ابتسم بهرام قائلاً :"كيف يمكنني ان اساعدك يا مولاتي حتى تتخلصي من هذا الملل؟".
اُعجبت الاميرة جدا بطريقته في الحديث و قالت له :"لست مضطر لذلك و لكن ... لِمَ لا نجلس سوياً في الحديقة خارجاً؟" وجد بهرام انها فكرة ممتازة و قال لها :"انه شرفٌ عظيمٌ ان اجلس مع مولاتي" ابتسمت الاميرة و تحركا سوياً للحديقة. كانت تلك الحديقة مضيئة بنور القمر الفضي و بها مقاعد خشبية للجلوس و في المنتصف يوجد تمثال كبير لآلهة الجمال و اسفله توجد مياه تحدها دائرة من الرخام. اُعجب بهرام بالحديقة التي كانت اجوائها افضل بكثير من اجواء القلعة المظلمة القاتمة ، جلس هو و الاميرة على احد المقاعد الخشبية بالحديقة و الهواء يداعب شعرهما.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
نظرت الاميرة لبهرام قائلة :"قُل لي ، من اين اتيت يا بهرام" توتر بهرام جداً من سؤالها و اخذ بعض الوقت ليفكر ثم نظر اليها وقال:" ا-انا اتيت من بلدةٍ بعيدة جداً و لا اعتقد ان سموك ستعرفيها" انزعجت الاميرة من كلامه و قالت له :"لم لا تعتقد انني سأعرفها ؟! هل ابدو لك جاهلة او حمقاء؟" زاد توتر بهرام و قال لها :"لا لا بالطبع لم اقصد هذا ! انا اعتذر جداً يا مولاتي ارجو منكِ قبول اعتذاري انا فقط كنت اعني انها مجهولة ولا يعلمها احد" قالت الاميرة :"حسناً ، انا أسامحك و لكن من اين اتيت بهذه الملابس الانيقة؟" زاد توتر بهرام ثانيةً قائلاً في نفسه ، لماذا تسألني كل هذه الاسئلة هل هى تشك بي؟. قال لها بهرام كاذباً مجدداً :"ا-انني اشتريتها من احدى البلدان اثناء رحلتي الى هنا".
اقتنعت الاميرة بما يقوله ثم طرحت عليه سؤالاً اخر ببراءة :"هل تُشبه والدتك اكثر ام والدك؟ ، يبدو حتماً انهما كانا جميلان جداً" قال لها بهرام الحقيقة المؤلمة بشأن هذا الامر :"انا لم اعيش مع اباً او اماً يا مولاتي ... انا كنت وحيداً و لم اراهم ابداً و لا اعرف ماذا حدث لهم" تأثرت الاميرة جداً و امتلأت عينيها بالدموع و قالت :"يا الهي ! انا آسفةٌ جداً لسماع هذا و لكن من قام بتربيتك و اهتم بك؟" بدأت الاميرة بالبكاء وحاول بهرام تبسيط الامور كاذباً مجدداً :"لا تنزعجي يا مولاتي او يضايقكِ شيء ، لقد رباني احدهم في البلدة و اهتم بي" تجرأ بهرام و مسح دموع الاميرة من على خدها بإصبعه ثم نظرت اليه بخجل و استكمل حديثه :"يا مولاتي اني لا استحق اني تبكي من اجلي ... ارجوكي لا داعي للبكاء" ثم قطف وردةً من الحديقة و وضعها بشعر الاميرة و هو ينظر الى عينيها التي تشبه السماء في لونها.
نظرت أيضاً الاميرة في عينيه الخضراء اللامعة بضوء القمر لبضع دقائق ثم تنهدت و قالت له :"اني تأثرت كثيراً بما قولته ، لا اعتقد انه بإمكاني ان اعيش بدون ابوين و بيت و عائلة مثلك... اتمنى ان من كان يربيك ، كان حنوناً عليك" ابتسم بهرام ابتسامة ضعيفة و قال لها :"يا سمو الاميرة انتي حقاً لطيفةٌ جداً و حنونة ولا احد مثلك ... قلبكي جوهرةٌ ثمينة لن يقدرها احد في هذة الحياة القاسية و لكنني اريدك ان تحميه جيداً حتى لا يتغير و تدخله القسوة مثل سائر الناس" فرحت جداً الاميرة وخجلت من كلام بهرام ثم قالت :"هذا كلامٌ جميلٌ حقاً يا بهرام ،اشكرك ... وانت ايضاً ... لطيفٌ جداً" ابتسم بهرام و قال:"هذه شهادة سأُخبر بيها طوال حياتي ، الآن اعتقد ان علينا الذهاب و الخلود الى النوم يا مولاتي" قالت له الاميرة :"نعم انت على حق ، قد تأخر الوقت جداً ... يبدو ان الوقت الجميل يمر بسرعة".
لم يتوقع بهرام انها ستقول له شيئاً مثل هذا ، لقد قالت للتو ان الوقت معه كان جميلاً و مر بسرعة. ايعقل ؟! الاميرة ايضاً معجبة به ! اصطحبها بهرام الى الداخل و هو يفكر في كلماتها التي اخذت قلبه و عقله. لم يتخيل ابداً من قبل ان شخصٌ ما سيعجب به لذاته و ليس لانه محارباً قوياً و شجاعاً ، لكن لو وقعا سوياً في الحب ستتعقد الامور اكثر فأكثر. اوصل بهرام الاميرة لغرفتها ، قالت له بصوتٍ هادئ و منخفض قبل ان تدخل :"شكراً لك يا بهرام على هذا الوقت الرائع ، ساعدتني كثيراً لاتخلص من الملل ... طابت ليلتك" قال لها بهرام :"انا دائماً في خدمتك يا مولاتي ... طابت ليلتكِ" ابتسمت له الاميرة و دخلت غرفتها و اغلقت الباب ثم ذهب بهرام الى غرفته ايضاً. استلقى على سريره و تحول كل تفكيره الى : اميليا ، اميليا، اميليا. اغمض بهرام عينيه و في ذهنه فقط اميليا.