RED REVENGE

By _ZAHARI_

2.3K 367 4.1K

بين القوة و الضعف.... الإنتصار و الهزيمة الجاني و الضحية.... الأسود و الأبيض العزيمة و اليأس.... المواجهة و... More

00
01
02
03
04
05
06
08
09
10
11
12
13
14

07

116 22 303
By _ZAHARI_

تشفع لها عيناها  ، عندما ترتكب ذنبًا

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

اعصابه تحترق...

استيقظ ويليام على خبر ما حدث قبل ساعات قليلة... رجاله المنتشرون في جنوب نابولي قُتلوا ، و هذا الأحمق الوحيد هنا أمامه بلا لسان...

على الجهة الأخرى ، كان كريستن يستند بظهره إلى الجدار و عيناه الرماديتان تعكسان برودًا مألوفًا لكن خلف ذلك الهدوء كان هناك غضب دفين

في المقابل ، جلس أليكساندر بهدوء على طرف الطاولة الزجاجية التي تتوسط المكتب متابعًا مجريات الأحداث بصمت

أما فيرينا فقد كانت تجلس على الأريكة الجلدية ، ملامحها تميل الى الهدوء و أمامها مباشرة جلس الرجل المذعور

تتوسل عيناه النجاة من ابنها المجنون... كان يأمل أن توفر له الحماية لكنه لم يكن يعلم أن مصيره قد حُسم بالفعل

ويليام قرر التخلص منه و هذا كان متوقعًا فهو لم يكن مجرد عبء ، بل وصمة عار قد تلطخ اسمهم أمام الجميع

ساد صمت ثقيل داخل المكتب ، لم يُسمع فيه سوى أنفاس الرجل المرتجف أمامهم... ويليام كان لا يزال يضغط على حافة الطاولة بقوة ، بينما كريستن نفث دخان سيجارته بهدوء و عيناه تراقبان الأوضاع دون أن يظهر أي انفعال يُذكر

" كان متوقعًا أن الأحمق سيبدأ بهجوم استباقي ضدنا ، لكن ليس بهذه السرعة "
تمتم ويليام بحنق محاولًا السيطرة على غضبه المتقد

" ليس الأحمق وحده "
نطق أليكساندر أخيرًا عاقدًا ذراعيه أمام صدره
" ذراعه اليمنى ، جيوڤاني بافاني هو العقل المدبر خلف تحركاته الأخيرة... من دون بافاني ، لن يكون لهذا الفتى أي نفوذ حقيقي "

ويليام ، الذي كان لا يزال غارقًا في أفكاره ، رفع نظره أخيرًا و تحدث بنبرة محملة بالسخرية والغضب المكبوت

" جيوڤاني بافاني... هو مفتاح قوة ريجيل ، ليس مجرد تابع بل درعٌ يحمي ظهره ، رأينا كيف قطع أنتونيو ليستري ولاءه للكاسانو بمجرد أن انهارت عشيرتهم ، لكنه كان مجرد كلب يبحث عن البقاء أما هذا البافاني... فيبدو أنه يفضل الموت على أن يترك ظهر ريجيل مكشوفًا "

كريستن نفث دخان سيجارته قائلًا بهدوء
" يجب أن نتخلص منه إذًا "

فيرينا ، التي كانت صامتة حتى الآن نظرت إليهم ببرود قبل أن تعلق بجملة واحدة فقط جملة حملت في طياتها حكمًا نهائيًا

" والده كان هكذا... الابن يولد بطبيعة أحد والديه ، وهو يستحق الموت مثل عشيرته.. سواء كان بنصرنا أو هزيمتنا ، فهو حتمًا يجب أن يُراق دمه "

سقط الصمت على الغرفة مجددًا ، لكن هذه المرة لم يكن مجرد صمت... بل إعلان حرب

و اثناء التوتر الثقيل في المكتب... اخترقت ضوضاء سيارات تصطف عند مدخل القصر أجواء المكان

نهض ويليام من مكانه و توجه نحو النافذة المطلة على المدخل ، حيث أضاءت أنوار السيارات الفاخرة ساحة القصر... ملامحه المتجهمة خفّت قليلاً و هو يراقب الرجل الذي ترجل من السيارة الأولى بخطوات واثقة

راؤول غونزاليس

راؤول زعيم إسبانيا في مجلس الاتحاد ، و حليفهم الجديد ، كان رجلاً يصعب توقع نواياه لكن ما يهم الآن هو أنه اختار الوقوف إلى جانبهم

استدار ويليام فجأة و كأنه تذكر شيئًا مهمًا ، ثم وجه نظراته إلى كريستن قائلاً ببرود

" تخلص من هذا الأحمق "
أشار برأسه نحو الرجل الجالس أمامهم ، ذاك الذي كان وجهه غارقًا في العرق و الخوف رغم أنه بلا لسان

كريستن رفع حاجبه قليلاً ، قبل أن يزفر بملل
" لا يستطيع النطق حتى لو أراد "

لكن ويليام لم يبدُ مقتنعًا ، فقط اكتفى بالقول بنبرة جامدة
"قد لا يملك لسانًا لكنه يملك أذنين ، و قد استمع إلى أكثر مما ينبغي "

ابتسم كريستن ببرود و هو ينهض متوجهًا نحو الرجل المرتجف
" حسنًا كما تريد "

فيما انطلقت خطواته نحو الهدف ، لم يكن هناك داعٍ لأن يسأل كيف سيتخلص منه... كان يعلم أن ويليام لا يريد شهودًا غير مرغوب بهم حتى لو كانوا عاجزين عن الكلام

و الآن ليهتموا بضيفهم المميز فربما ستتغير بعض الأشياء بسبب قدومه هذا

*****

كان النسيم البارد يمر ببطء بين الأشجار العالية التي تحيط بحديقة قصر الكاسانو ، بينما جلس ريجيل و جيوڤاني على الطاولة الرخامية وسط المكان

الشمس لم تكن حارقة ، لكنها ألقت بظلال طويلة على العشب الأخضر الذي امتد تحت أقدامهم

بكل كسل ألقى جيوڤاني بجسده على الكرسي و مد ساقيه بتراخٍ ، ثم التفت نحو ريجيل بابتسامة ساخرة و هو يرفع زجاجة نبيذ بيده

" تشرب نبيذ ؟"
سأل بنبرة هازئة و كأنه يعلم الإجابة مسبقًا

رفع ريجيل حاجبه قليلاً ، ثم زفر بصوت منخفض قبل أن يجيب بجدية
" أنا لا أشرب كثيرًا ، خصوصًا في النهار "

ضحك جيوڤاني بخفة و أعاد الزجاجة إلى الطاولة ، ثم مد يده إلى جيب سترته الجلدية وأخرج علبة سجائر ، سحب واحدة منها و قلبها بين أصابعه قبل أن يعرضها على ريجيل

" حسنًا ، لا تريد النبيذ ، ماذا عن السيجارة ؟"

ريجيل الذي كان يراقب حركة أوراق الشجر المتمايلة ، لم يكلف نفسه حتى عناء النظر إليه و هو يرد بنفس الهدوء
" أنا لا أدخن أصلًا "

تجمدت يد جيوڤاني في الهواء لثانية ، ثم انفجر ضاحكًا و هو يعيد السيجارة إلى العلبة.... هز رأسه بخيبة مصطنعة قائلًا بأسف مزيف تماما

" أظن أنني أفسدتك "

" و هل تظن أن هذا شيء سيء ؟"

ابتسم جيوڤاني وهو يشعل سيجارته ، ثم استنشق منها بعمق قبل أن ينفث الدخان ببطء و كأنه يفكر في إجابته... ثم و كعادته ، قرر أن يضيف بعض السخرية إلى حديثه

" لا أدري... ربما أنت الوحيد الذي يمكن أن يُفسد دون أن يصبح شخصًا سيئًا "

ابتسم ريجيل بخفة رغم أن عيناه ظلتا متيقظتين... كان معتادًا على أسلوب جيوڤاني الساخر ، لكنه أدرك أن وراء كلماته دائمًا معنى أعمق
" أنا لست مثلك ، جيوڤاني "

رفع الأخير حاجبه بخفة ، و أرجح رأسه قليلاً قبل أن يرد
" حقًا ؟ أليس من المفترض أن نكون متشابهين بطريقة ما ؟"

أطلق ريجيل زفرة قصيرة ، ثم نظر بعيدًا محدقًا في الأشجار التي تحيط بالقصر

" أنت لديك خيارك الخاص ، أما أنا..."
صمت لثانية وكأن الكلمات علقت في حلقه قبل أن يتابع بصوت خافت
" لم يكن لدي خيار منذ البداية "

ساد صمت قصير بينهما ، لم يكن ثقيلًا ، لكنه حمل شيئًا من الإدراك الذي لا يحتاج إلى كلمات... جيوڤاني لم يكن غبيًا ، لقد فهم ما يعنيه ريجيل لكنه أيضًا لم يكن من النوع الذي يسمح للحديث أن يصبح دراميًا أكثر من اللازم

" على الأقل ، لديك ذوق سيء في المشروبات و التدخين "
قالها بابتسامة خبيثة و هو يرفع كأس النبيذ أمام عينيه و كأنه يدرس لونه

هز ريجيل رأسه بخفة ، ثم ضحك للمرة الأولى منذ بداية حديثهما... ربما لم يكن جيوڤاني شخصًا يسهل التعامل معه لكنه بطريقة ما كان أحد القلائل الذين يستطيعون كسر جدار البرود الذي يحيط به

ابتسم جيوڤاني بمكر و هو يأخذ رشفة من كأسه ، مستمتعًا بالمماطلة التي كان يجيدها جيدًا... لكن ريجيل لم يكن في مزاج يسمح له بالصبر على الرغم من أن هذا المراوغ استطاع اضحاكه

" اختصر "
قالها بصوت منخفض لكنه حاد محدقًا بجيوڤاني بنظرة مباشرة تنذر بأنه لن يتساهل معه هذه المرة

"اختصر ماذا ؟ الحديث عن النبيذ ؟ التدخين ؟ أم ربما عن الخيارات التي لم تحصل عليها ؟"

أغمض ريجيل عينيه لثانية ، مستوعبًا استفزاز جيوڤاني المعتاد لكنه لم يكن مستعدًا للعب لعبته اليوم

" جيوڤاني "
نطق باسمه بتحذير واضح ، مما جعل الأخير يضحك بخفة و هو يرفع يديه و كأنه يستسلم

" حسنًا حسنًا... لا داعي لأن تشد على نفسك هكذا "
قال و هو يتكئ إلى الخلف ، ثم أضاف بنبرة متكلفة
" لدي بعض المعلومات... لكنها ليست مجانية "

" منذ متى و أنت تضع أسعارًا على حديثك ؟"

" منذ أن بدأت تقدر المعلومات أكثر من اللازم "

تضيقّت عينا ريجيل و هو يراقبه ، مدركًا تمامًا أنه يراوغه عن قصد... لقد كان واضحًا أن جيوڤاني يعرف شيئًا مهمًا ، لكنه يستمتع بجعل الأمور أكثر تعقيدًا

" هل أنت متأكد أنك تقف في صفي ؟"
سأله ريجيل ببرود دون أن يبتعد بنظره عنه

ضحك جيوڤاني مجددًا ، لكنه هذه المرة كان ينظر له بحدة تحت مظهره اللامبالي
" أنا أقف حيث أريد ، ريجيل... و الآن ألا ترى أن الجو جميل اليوم ؟"

أطلق ريجيل زفرة قصيرة ، مستوعبًا أنه لن يستخرج أي شيء منه الآن... لكنه كان يعرف جيوڤاني جيدًا... لن يحتفظ بالمعلومات للأبد بل سيفجرها بعد أقل من دقيقتين.. غايته فقط استفزاز ريجيل لا أكثر

نظر ريجيل إلى جيوڤاني بتركيز.. عينيه الضيقتان تعكسان اهتمامًا خافتًا بما سيقوله أما جيوڤاني ، فكان قد تخلص من ابتسامته الماكرة و استبدلها بنظرة أكثر جدية و هو يتكئ للأمام واضعًا مرفقيه على ركبتيه

" أنت تستطيع قتل تشارلز دون أن تلطخ يديك بدمائه "

كانت كلماته هادئة لكنها حملت بين طياتها معنى عميقًا... ريجيل لم يرد فورًا ، فقط تأمل ملامح جيوڤاني ، يبحث عن النية الحقيقية خلف كلماته

" و ما الذي تقترحه ؟"
سأله ريجيل أخيرًا ، بنبرة لا تحمل انفعالًا

ابتسم جيوڤاني ابتسامة خفيفة ثم ألقى نظرة على سيجارته و تمتم بصوت خافت
" هناك طرق كثيرة لجعل رجل مثل تشارلز يسقط... بعضها أكثر فاعلية من مجرد إطلاق رصاصة "

ريجيل لم يكن مغفلًا ، كان يعرف أن جيوڤاني لا يتحدث عبثًا... لكنه أراد أن يسمع التفاصيل ، أن يعرف كيف يخطط هذا الرجل دائمًا للعب في الظلال بدلًا من المواجهة المباشرة

" تابع "
قالها أخيرًا ، و قد بدأ يفهم ما يلمح له لكنه يريد التأكد مما يدور في ذهنه

جيوڤاني أسند ظهره إلى الكرسي و مد ساقيه براحة ، ثم نطق بصوت هادئ لكنه يحمل يقينًا واضحًا

" تشارلز و فيليب... كلاهما متواطئان في القضية "

ريجيل لم يُظهر أي مفاجأة ، فقط أدار نظره بعيدًا للحظة و كأنما يسترجع شيئًا في ذهنه ثم تمتم بصوت بالكاد يُسمع

" كنت واثقًا من هذا "

" بالطبع كنتَ واثقًا ، لكن هناك فرق بين الشك و اليقين "

ريجيل لم يرد ، فقط انتظر منه أن يُكمل حديثه و كان جيوڤاني يعرف ذلك جيدًا ، لذا مال نحوه قليلًا و تحدث باستمتاع

" لديك أوراق رابحة و ليس ورقة واحدة فقط... بإمكانك إخبار ماريو دي لوكا فحسب و ستجد أشلاء تشارلز منتشرة في أنحاء إنجلترا "

رفع ريجيل نظره إليه ، شبح ابتسامة باردة ارتسم على زاوية شفتيه قبل أن يجيب بصوت خافت

" أنا كنت أركز على حربي مع الأفعى و حسب... لكن عندما هددني تشارلز بميليسا ، قررتُ أن أدخله إلى بحر الدم هذا دون أن أكون أنا من يدفعه إلى الحافة "

نظر إليه جيوڤاني للحظة ، ثم ضحك بصوت منخفض و كأنه يستمتع بما يسمعه ، قبل أن يميل إلى الخلف مسترخيًا على الكرسي
" يا له من قرار مثالي "

و مرة أخرى... مالت كفة الميزان لأجل ريجيل..
الشيء الذي اكتشفه الآن سيهدم ركنًا من مجلس الاتحاد اذا قرر ان يفشي به

هو بالطبع لن يكون حقيرًا جدًا لكن كلما يتذكر تهديد تشارلز ، دمه يغلي... لو لا ميليسا لما كان سيفعل القادم

تشارلز فريمان زعيم انجلترا و فيليب ستانلي أحد زعماء المافيا الانجليزية المعروفة... كلاهما سيصبحان رمادًا في مدفأة ماريو دي لوكا

الأيام القادمة لن تكون ثقيلة على عصابة الأفعى فقط... بل على جميع من تجرأ الاحتكاك بخطوة من خطى ريجيل.... و القادم اسوأ

***

اخترق ضوء الشمس نوافذ قصر دي لوكا ، مضيفًا إنارة هادئة للمكان... القصر الذي يعمه الفوضى منذ حفل التنصيب حيث لا يزال الجميع متأثرين بما حدث في تلك الليلة..

أما كريستوڤر فقد أصبح زعيمهم رسميًا ، لكنه بالكاد يجد وقتًا للحديث مع أحد ، منشغلًا بمسؤولياته الجديدة التي جاءت تزامنًا مع تصاعد العداوة بين الكاسانو و عصابة الأفعى

كان الآن في غرفته يغلق أزرار قميصه ، مستعدًا للمغادرة إلى اجتماع مهم مع إحدى العشائر الحليفة لهم... لم يكن يسيطر على المكان سوى الهدوء... حتى تحطم هذا الصمت فجأة

رُكل باب الغرفة بقوة ، و دخل أحدهم بخطوات سريعة... و من غيرها ؟ وحدها تلك البنفسجية تتجول في جناحه متى شاءت حتى في أكثر أوقاته انشغالًا

وقفت ميرال أمامه مبتسمة باتساع و هي تقيم مظهره كما لو كانت تضع اللمسات الأخيرة على تحفته الفنية... التقطت ساعته اليدوية من فوق الطاولة الزجاجية ، ثم رفعت عينيها إليه بنفس الابتسامة...

كان ذلك طلبًا ضمنيًا منه ليمد يده ففعل ، فقامت بإلباسه الساعة بمهارة و أخيرًا ، فتحت فمها لتقول بهدوء غريب مصحوب بابتسامة أكثر غرابة
" كنتُ أنتظر اليوم الذي أراك فيه زعيمًا "

رفع كريستوڤر حاجبه ، غير معتاد على سماع مثل هذه الكلمات منها و ازدادت شكوكه حين اقتربت منه و نفضت غبارًا وهميًا عن كتفيه ، ثم رفعت يديها لتعدل شعره الفحمي رغم أنه كان مرتبًا بالفعل

توقفت للحظة ، وكأنها تزن كلماتها القادمة ثم تمتمت بتنهيدة مصطنعة
" أنت ستتفوق على والدك في الزعامة... أنا واثقة بك "

لا ، لم تعد تثير الشك فحسب ، بل بدأت تخيفه حقًا.. معجزات الدنيا سبع و ستصبح ثمانية إن تمكن يومًا من خوض نقاش هادئ مع ميرال...

توقفت ميرال للحظة ثم ابتعدت عنه قليلاً... لكنه لم يسمح بهذا البعد طويلًا

اقترب منها بخطوات ثابتة ، واضعًا يديه في جيوب بنطاله بينما لم تحمل عيناه الخضراوان سوى الشك... تفحص ملامحها بتمعن ، كأنما يحاول كشف نواياها الخفية

ثم رفع يده ولمس جبهتها يتأكد من حرارتها ، قبل أن يخرج صوته هادئًا يتخلله استغراب واضح
" أنتِ بخير ؟ هذا غريب..."

حدق بها لثوانٍ أخرى ، منتظرًا منها أن تتراجع عن هذا التصرف غير المعتاد لكن عندما لم تفعل ، تنهد بعمق... لا شك أنها تجهزه لصدمة ما ، هذا واضح

التقط هاتفه متجاهلًا توتره المتزايد ثم توجه للخروج من الغرفة... و بالطبع ميرال لحقت به محافظة على نفس الابتسامة التي وجدها مجنونة أكثر من المعتاد

أثناء سيرهما عبر الممرات الواسعة للقصر ، كسر صوتها الهادئ الصمت لكنها لم تتحدث بأسلوبها المعتاد... بل بنبرة هادئة جدًا و هذا وحده كان كفيلًا بأن يدق ناقوس الخطر في رأسه

" كريستوڤر ، كنتُ أتساءل عن بعض قواعد مجلس الاتحاد و بما أنك رافقتَ عمي منذ مراهقتك و الآن أصبحتَ الزعيم ، فأنا متأكدة من أنك تملك الإجابات "

توقفت قدماه تلقائيًا عند سماعه كلماتها و حدّق بها بعمق ثم رفع إحدى حاجبيه بارتياب... لا ، هناك بالتأكيد كارثة تلوح في الأفق

تبا لهذا... لديه أعمال أقل ما يقال عنها إنها مهمة ، و الآن يقف يتفحص سلامة ابنة عمه بدلًا من المغادرة.. نظرة عينيها لا تعجبه أبدًا ، لذا تحدث ببرود تام رافضًا لأي فكرة غبية قد تخطر ببالها

" إياكِ و افتعال المصائب ، ميرال "

ضحكت المقصودة بخفة و كأن كلماته كانت مجرد مزحة ، لكنها لم تكن كذلك... في الحقيقة ، هو مستعد لقتلها إن كشفت عن نواياها.. آخر مرة ، أصابت أخ راؤول غونزاليس في ذراعه و كادت أن تشعل حربًا بسبب ذلك ، سواء مع عمها أو مع الزعيم الإسباني نفسه

لا يزال يتذكر كيف اضطر للتدخل شخصيًا لإنهاء تلك الفوضى ، و هو الآن على استعداد تام للحرب القادمة... الحرب التي ستكون بلا شك ناتجة عن رصاص ميرال الطائش مجددًا

تنهد بضيق بينما تحمحمت هي ، و كأنها تحاول العودة لوضعها الطبيعي لكن هدوءها بدأ ينعدم تدريجيًا مع كلامها التالي الذي لم يكن أقل من قنبلة موقوتة

" بالطبع المجلس تختلف أحكامه من شخص إلى آخر ، أليس كذلك ؟ لذا سؤالي هو ما حكمهم على من يقتل زعيم عصابة ؟ بالتأكيد حكمه يختلف عن من يقتل زعيم عشيرة نبيلة... لأنه في الحالة الثانية ، سيموت مباشرة ، صحيح ؟"

توقف كريستوڤر عن السير و أدار رأسه إليها ببطء محدقًا بها و كأنه يحاول استيعاب ما قالته للتو ثم ضاق عينيه بريبة...

لا ، هذه ليست مجرد محادثة عادية... ميرال تريد التأكد من شيء محدد ، و هو لا يحب أبدًا عندما تبدأ بالأسئلة المريبة

كريستوڤر لم يتحرك فقط حدق بها كما لو أنه يحاول اختراق عقلها لمعرفة نواياها الحقيقية... للحظة ، فكر في أن يتجاهل السؤال و يكمل طريقه لكنه يعرف ميرال... إن لم تحصل على إجابة ، ستبحث بنفسها و هذا أسوأ

أطلق زفيرًا بطيئًا وأجاب بنبرة متزنة لكن نظراته ظلت حادة تجاهها

" يعتمد على الظروف... إذا قتل زعيم عصابة شخصًا ذا نفوذ ، فالأمر قد يؤدي إلى حرب أو يتم تسويته بتفاوض بين الأطراف المعنية.. لكن إذا قتل شخصٌ ما زعيم عصابة دون غطاء أو سبب منطقي ، فهو يضع نفسه هدفًا و قد يكون مصيره القتل أو الملاحقة من قبل أتباعه... مجلس الاتحاد لا يتدخل كثيرًا في هذا النوع من الأمور إلا إذا كان القتل سيؤثر على التوازن العام في العالم السفلي "

لم يكن غبيًا ، كان يراقب رد فعلها عن كثب... شفتاها انفرجتا قليلًا و كأنها استوعبت شيئًا كانت تجهله ، لم تعقب مباشرة بل عضت خدها من الداخل ، و هذا دليل على أنها تحلل المعلومات في رأسها

رفع كريستوڤر حاجبًا ثم استأنف بلهجة أكثر جدية
"لماذا هذا السؤال ؟ هل لديكِ نوايا لقتل أحد مهم يا ميرال ؟"

التفتت إليه ببراءة زائفة و كأنها استُهجنت من مجرد الفكرة ثم وضعت يدها على صدرها بتمثيل متقن
" أنا ؟ قتل شخص مهم ؟ كيف تفكر بي هكذا ؟ مجرد فضول لا أكثر "

لكن كريستوڤر لم يشترِ تمثيلها الرخيص للحظة واحدة بل ضغط على شفتيه و مال نحوها قليلًا ليهمس
" إذا كنتِ تخططين لشيء متهور ، فمن الأفضل أن تتراجعي الآن "

توقفت عن الحديث و الحركة لدقيقتين كاملتين ، تحاول جمع أفكارها و استنتاجاتها معًا... و عندما انتهت ، وجدت أن كريستوڤر قد تخطاها بالفعل و هو الآن على وشك النزول من الطابق..

لحقت به بسرعة و تمسكت بذراعه لتنزل معه... هذا بالتأكيد أغرب يوم على الإطلاق

كريستوڤر و ميرال لا يتشاجران ؟ بل يسيران معًا متشابكي الأيدي ؟
هذه معجزة بحد ذاتها... ابتلعت ميرال ريقها ، ثم نظرت إلى وجهه من الجانب و ضحكت مجددًا

" أنت وسيم جدًا ، كريستوڤر "

لم ينظر إليها بل تمتم ببعض الشتائم تحت أنفاسه و هو يفقد صبره شيئًا فشيئًا... لا شك أن في جعبتها مصيبة جديدة لكنها حتى الآن تجرّه بالكلام و كأنه فأر وقع في المصيدة

حاولت تخفيف حدة التوتر بابتسامتها المعتادة ثم تابعت بهدوء
" حسنًا ، لكن لنفترض أن هذا القاتل لديه سبب وجيه و لديه أيضًا دعم من الدي لوكا ، لذا..."

توقفت فجأة عندما شعرت بتصلب جسد ابن عمها..

كريستوڤر الذي كان يضع قدمه على أرضية الطابق السفلي ، توقف عن الحركة فور سماعه اسم عائلتهما ثم التفت نحوها ببطء و عيناه الخضراوان تضيّقان بحدة

" الدي لوكا ؟"

تأكدت شكوكه ، إنها تحاول جرّهم إلى مصيبة بطريقة أو بأخرى و مع ذلك ، يدها لا تزال تلتف حول ذراعه و عيناها التوأمتان لعينيه تتوسلان إليه ليكمل النقاش

خفضت صوتها قليلًا و كأنها تناقش سرًا يخص الدولة
" إنه مجرد افتراض "

كريستوڤر لم يتحرك ، لم يرد... فقط حدّق بها للحظات متأكدًا من أنه على وشك اكتشاف شيء خطير جدًا

حدّق بها كريستوڤر لثوانٍ أخرى ، يحاول تحليل نواياها الخفية خلف ذلك "الافتراض" المريب... هو يعرف ميرال جيدًا عندما تبتسم بهذه الطريقة ، فهذا يعني أن عقلها ينسج خطة ما و خططها دائمًا ما تكون كارثية

تنهد و أبعد يدها عن ذراعه برفق ثم أكمل سيره عبر الرواق الواسع متجهًا إلى باب القصر... ميرال ، التي لم يعجبها هذا التجاهل ، لحقت به مجددًا و وقفت أمامه لتعيق طريقه قائلة بإصرار

" لم تجب على سؤالي ، كريستوڤر "

أطلق زفيرًا ضجرًا ثم وضع يديه في جيوب بنطاله محاولًا تجاهل النظرة المتحمسة في عينيها و أجاب أخيرًا بنبرة باردة تحمل تحذيرًا ضمنيًا

" إذا كان القاتل مدعومًا من الدي لوكا ، فالأمر يعتمد على هوية القتيل... إن كان زعيم عشيرة نبيلة فالمجلس سيعتبرها خيانة و سيكون عقاب القاتل الموت... أما إن كان زعيم عصابة ، فالحكم سيكون أخف لكن لا شيء يمر دون ثمن... الدي لوكا سيخسرون سمعتهم و ربما نفوذهم و سيجدون أنفسهم في حرب لا حاجة لنا بها الآن "

توقفت ميرال عن الكلام لثوانٍ و كأنها تستوعب العواقب لكنها لم تستسلم بعد... مالت قليلًا نحوه و هي تهمس
" لكن ماذا لو كان هذا الزعيم يستحق الموت ؟ ماذا لو كان قتله سيجعل العالم السفلي مكانًا أفضل ؟"

رفع كريستوڤر حاجبه مدركًا تمامًا المغزى وراء كلماتها... ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة قبل أن يرد بصوت منخفض مستمتعًا بكشف لعبتها

" أرى الآن ، لديك قاتل معين في عقلكِ الصغير ، أليس كذلك ؟"

ابتسمت ميرال كأنها طفلة أمسكت متلبسة لكنها لم تجب ، فقط حركت كتفيها بطريقة بريئة مصطنعة
" قلتُ لك ، مجرد افتراض "

أطلق ضحكة قصيرة ثم نظر إليها نظرة أخيرة قبل أن يتجاوزها ليخرج تاركًا خلفه سؤالًا آخر ليشغل بالها أكثر
" مهما كان هذا الافتراض ، أتمنى ألا تكوني قد تورطتِ بشيء لا يمكنكِ السيطرة عليه ميرال "

ما إن أنهى كريستوڤر كلماته و همّ بالخروج ، حتى فاجأته ميرال بحركة لم يتوقعها أبدًا.... عانقته فجأة ، متشبثة به كما لو كانت طفلة تحتمي بأخيها الأكبر

تجمد للحظة ، عيناه الخضراوان تحدقان في اللاشيء بذهول قبل أن ينظر للأسفل إليها بتفاجئ واضح.. كانت هذه المرة الأولى التي تعانقه فيها بهذه الطريقة و من دون سبب واضح

" ميرال..."
نطق اسمها ببطء وعيناه تضيقان بريبة

لكنها لم تتركه بل ضغطت عليه أكثر ثم همست بصوت خافت أشبه بالمزاح
" ألا يمكنني أن أُظهر بعض المودة لزعيم العائلة الجديد ؟"

كريستوڤر لم يشترِ هذا الهراء ولو لثانية واحدة... زفر بصمت ثم سألها بصوت منخفض لكنه حازم
" من هو سيء الحظ هذا ؟"

تصلبت للحظة في عناقه لكنها استجمعت هدوئها سريعًا و رفعت رأسها لتنظر إليه بعينين بريئتين مصطنعتين
" ماذا تعني ؟"

رفع حاجبه بسخرية قبل أن يكرر سؤاله بصيغة أخرى
" هل هو نبيل ؟ أم مجرد زعيم عصابة ؟"

ارتبكت للحظة ثم ابتسمت ببراءة مصطنعة أكثر جعلتها تبدو قبيحة
" من قال إنني أتحدث عن شخص معين ؟ إنه مجرد افتراض كريستوڤر "

قبل أن يتمكن من الضغط عليها أكثر ، قاطعهما صوتٌ ساخر جاء من جهة باب القاعة
" حسنًا ، يبدو أنني دخلت إلى بُعدٍ زمنيٍّ آخر... أو أنني لم أستيقظ بعد "

التفت الاثنان ليجدا لورينزو دي لوكا يقف عند المدخل ، يحدق بهما كما لو أنه رأى شبحًا

كان يرتدي بدلته الزرقاء الداكنة الأنيقة ، لكن تعابيره كانت أقرب لشخص للتو صُفع بحقيقة لا يمكنه استيعابها

نظر إلى كريستوڤر ثم إلى ميرال الملتصقة به ، ثم عاد لينظر إلى كريستوڤر قبل أن يرفع حاجبيه ببطء
" حسنًا... هل يمكن لأحدكما أن يشرح لي ما الذي يحدث هنا ؟"

كريستوڤر الذي لم يكن في مزاج لهذه الفوضى ، حدّق في ميرال بنظرة تحذيرية لكنه لم يبتعد عنها بل تمتم ببرود

" اسألها "

ميرال التي بدا أنها تستمتع بالموقف ، أطلقت ضحكة خفيفة قبل أن تترك كريستوڤر أخيرًا و تلتفت إلى لورينزو قائلة بابتسامة مشاكسة تظهر شخصيتها الطبيعية

" لورينزو لا تقلق ، أنا فقط أبارك لكريستوڤر على منصبه الجديد بأسلوبي الخاص "

لورينزو لم يبدو مقتنعًا بل نظر بينهما مجددًا قبل أن يتنهد بإحباط ثم همس ساخرًا
" عظيم ، إذا بدأ يومي بهذا الشكل فلا أريد أن أعرف كيف سينتهي "

كريستوڤر تجاهل تعليق ابن عمه ثم ألقى نظرة أخيرة على ميرال قبل أن يستدير إلى لورينزو ، قائلاً بجدية
" هيا ، لدينا اجتماع لنحضره "

لكن حتى و هو يسير بجانب لورينزو ، لم يستطع التخلص من الشعور بأن ميرال كانت تحيك شيئًا خلف ظهره... وكعادته ، كان متأكدًا أنها ستسبب له صداعًا قريبًا جدًا

لكن هذه المرة ستسبب الصداع للعشيرة بأكملها..

****

إنجلترا _ لندن

ألقت الشمس بظلالها على نوافذ المدينة و الشوارع المزدحمة التي ضجت مع غروب الشمس حيث انتهت مدة عمل هذا اليوم لأغلبية الانجليزيين

الهواء كان باردًا كأنه نصل سيف حاد يجرح الجسد حالما يمر به ، هناك وقف رجلاً ذو سمعة مرموقة في المافيا و اسم يهابه المجرمون.... تشارلز فريمان

زعيم انجلترا في مجلس الاتحاد... عمره تخطى الخمسين عامًا و يديه لم تكن أقل دموية من ايدي امراء الجريمة

وقف أمام نافذة كبيرة جدًا تظهر مشهد لمعظم لندن ، ساعة بيغ بن كانت تقابله على الطرف الآخر خلف الزجاج و مزاج تشارلز كان أشبه بمزاج ذلك الطائر فوق قمة برج الساعة الذي عندما دق جرسها بذلك الصوت المزعج قد انتفض فزعًا

تشارلز أيضا انتفض فزعًا بعدما سال دمه في إيطاليا... الفتى المجنون الإيطالي قد قتل مايك فريمان الأخ الأصغر للزعيم الانجليزي و ترك له زوجة أخيه برفقة رسالة منه

التهديد يُقابل بالدم ، و المجلس يُقابل بحياتها...

ذلك الهراء الذي نطق به لسان تشارلز في الليلة المشؤومة أعقبه سفك دم أخيه على يد ذلك الفتى

ريجيل كاسانو... الفتى الذي يحاول إعادة إرث عشيرته الميتة و لم يمضِ على ظهوره للعلن سوى أقل من اسبوعين كان بالفعل قد تحرك بشكل كبير... كان يقتل الملوك و الوزراء في لعبة الشطرنج خاصته و صوت رصاص مسدسه قد وصل الى أبواب الزعيم الإنجليزي

تشارلز فريمان كان رجلًا مخيفًا و ذو هيبة سواءً في شكله او منصبه و كل هذا قد طمسه ريجيل في الدم ، قتل أخ تشارلز بكل دم بارد و لم يأبه للعواقب و حرق بضائع العشيرة الانجليزية في ميناء لندن الممتد على طول ضفاف نهر التايمز

انقبض فكه عندما تكررت صورة جثة أخيه المدماة هذا الصباح... تبًا لذلك الصغير الذي يعبث في كل مكان يريده دون أن يعترضه أحد

قطعت صوت خطوات الهدوء في مكان عزلته ، مكتبه كان محرمًا على الجميع منذ صباح اليوم لأنه كان مستعدًا لقتل أي شخص أمام مرأى أعينه و ضيفه الآن ليس عاديًا.... فيليب ستانلي

دخل فيليب بملامح متجمدة و عينيه الزرقاء التي تنبض ببرودة تضاهي برودة لندن خارجًا الآن... عمره لم يتخطى الرابعة و الثلاثين بعد لكنه زعيمًا لعائلته منذ سنوات ، و منذ سبع سنوات ارتكب جريمة هي الأبشع من بين جرائمه كلها

الوشوم المرسومة على جسده كانت كثيرة و لم يظهر منها إلا تلك التي على يديه... اتخذ فيليب مقعدًا على جانب سطح المكتب بذات الصمت الذي دخل به و أخرج سيجارة يشعلها... حدق تشارلز في الجالس أمامه و أعينه كانت ملتهبة من الغضب

ثم تحرك و جلس مقابلًا لفيليب... عائلة ستانلي لم تكن من العوائل الكبيرة في انجلترا حتى تكون ذات صلة وثيقة بالزعيم الانجليزي لكن هناك صداقة مصالح ربطت فيليب بالزعيم

أمسك تشارلز بزجاجة النبيذ و سكب لنفسه كأسًا على أمل ان يخفف من حدة مزاجه فيما قلب فيليب السيجارة بين يديه قبل استنشاقها بعمق و نفث دخانها ثم خرج صوته عميقًا هادئًا

" اذاً لماذا أراد الزعيم أن يلتقي بشخصٍ متواضع مثلي ؟"

انتقلت النظرات الحادة نحو فيليب و يده مشتدة حول كأس النبيذ... مرت ثوانٍ على سؤاله و اتأه الرد هادئًا مبطنًا بغضب مكبوت يغلي داخل صاحبه كنارٍ يُلقى عليها البنزين

" ذلك المجنون سيبدأ في تحالفاته عما قريب و الدي لوكا سيكونون ضمن أبرز اهدافه "

توقف فيليب عن تقليب سيجارته عند ذكر ذلك الاسم... الدي لوكا

ارتسمت ابتسامة تشبه الاستمتاع بسماع أخبار جيدة ينتظرها منذ وقت طويل و لحقها صوته و هو يسأل ثانيةً

" و هل يجب أن نتحرك الآن ؟"

" نتحرك ؟ دمي منثور على الأرض و انت تسألني سؤال أحمق كهذا ؟"

اتسعت ابتسامة فيليب اكثر فهذا الكلام يوحي بأن الزعيم الإنجليزي سيدخل في جبهة الحرب و ستكون هناك نتائج جانبية يرغب بها كلاهما...

اطفأ ذو الأعين الزرقاء سيجارته ثم شبك يديه مع بعضهما و تحدث بابتسامة مستمتعة

" سأتبع خطاك يا زعيم مهما كان الانتقام الذي تسعى اليه لكن أرجو أن تضمن لي مرادي من هذا "

" تلك الفتاة الصغيرة ؟"

" بالضبط "

تبًا... فيليب يشعر بتدفق الأدرينالين بشكل غير طبيعي لمجرد تخيل ذلك... أن يحصل على فتاته أخيرًا بعد إسقاط عشيرتها

مرر لسانه على شفته السفلى و لم يفكر لثانية أخرى و مدّ يده لتشارلز الذي بدا أنه أهدأ عما كان عليه... نظر تشارلز لليد الممدودة تجاهه ثم رفع حاجبًا و تحدث ببرود قاتل

" إن حاولتَ اللعب بذيلك يا ستانلي... أقسم ، أقسم بدم مايك الذي لم يبرد بعد بأنني سأقطع رأسك فورًا "

صدح صوت ضحكة في المكان و لم يكن سوى فيليب التي لمعت عيناه بشرارة من المتعة و الحماس متمتمًا بنبرة لم تخلو من التلاعب

" أعلم ، لا أحد يضاهيك بقطع الرؤوس ايها الزعيم "

لقد تقصد فيليب قول تلك الجملة التي لها تأثيرًا على الآخر ، تشارلز فريمان و الرؤوس المقطعة... لهما قصة مليئة بالحقد و رائحة الدم

نظر تشارلز ليد فيليب مرة اخرى و صافحه هذه المرة... اليد التي عانقت يده قبل سبع سنوات ، حان الوقت لترد دينها و تفتح قضية لم تغلق في أذهان أمراء الجريمة

إن كان العالم السفلي مليئًا بالسفاحين و المجرمين فحتمًا سيكون هذان الاثنان في رأس القائمة... تاريخ معقد و دموي جمعهما و ها قد عاد بعودة وريث الكاسانو... ليس ريجيل وحده من يسعى للإنتقام بل هناك أطراف أخرى في المافيا تحفزت لثأرها الخاص بفضله

تشارلز كان يدرك جيدًا مدى خطورة أن يتحدى ذلك الكاسانو العنيد لأن الأمر قد حُسم بالفعل... عائلة البافاني مع ريجيل و إن قطعوا البافاني عهدًا فلن يخلفوا به و إن كلفهم ذلك حياتهم

البافاني إن وقفوا مع ريجيل فهذا يعني أن المانيا و مجلسها بأكمله معه... و الوقت لن يطول الى ان يوافقوا الدي لوكا على عودة العلاقات بينهم و بين الكاسانو

حينها لن يستطيع أحد هزيمته... حتى لو كان تشارلز

مجلس الاتحاد الذي عرف بأحكامه العادلة ضد الجميع لم يكن داخله عدل كما يتوقع العالم السفلي... و كما كانت الخيانة تجوب بين أزقة العشائر النبيلة و العصابات فإنها ايضًا تلوح في أفق المجلس

و الآن بعد أن تلقى تشارلز ضربة استباقية لمجرد تلفظه بأسم ميليسا فسيجعلها بعيدة عن الساحة قليلًا و يوجه فوهة مسدسه الى غيرها.... إبن عمها ، جيوڤاني بافاني

ابتسامة لا تبشر بالخير ظهرت على محياه... ابتسامة كانت توحي بالفوضى التي سيفتعلها زعيم انجلترا و قد أكد بلسانه قائلًا

" إن بترنا أحد أذرع زعيم الكاسانو فستبقى له أذرع كثيرة لكن إن أسقطنا جيشه و كل ذخيرته فلن يكون قادرًا على الوقوف ثانيةً "

رفع فيليب كلا حاجبيه و المكر يتراقص بين جفونه فهو يسعى لإزاحة الجميع كي يصل الى هدفه حتى لو كان ذلك يعني محاربة العالم السفلي بأكمله

" لكن زعيم ، جيوڤاني لا يمكن رشوته بأموال طائلة فهو يملكها و لا بمنصب عالٍ فهو قد تخلى عنه لأجل الوقوف بجانب ريجيل "

" اجل فيليب اجل ، سنقتله مباشرةً لأن الوفاء لديه أقوى من اغواءه بهكذا أشياء تافهة في نظره "

" قتله يعني فتح جبهة حرب علينا... زعيم البافاني يعتز به كثيرًا فهو إبن عمه و النائب عنه و المساس به يعني الدم لا محالة فضلًا عن وقوف أوليڤر كليمنس ضدك في المجلس لأن جيوڤاني ينتمي للدولة التي يحكمها "

همهم تشارلز على جواب لكل تلك الملاحظات المنطقية ، عشيرة البافاني كانوا هم الحكام الحقيقيين في مقعد المانيا ، اوليڤر كليمنس يمكن اعتباره مجرد واجهة في المجلس لكن القرارات ، الحروب و السلام ، السلطة ، النفوذ كلها للبافاني

و قتل إبن عمهم يعني الموت كائن من كان الفاعل..
لكن هناك من هو اخطر اذا قرر تشارلز ان يقتله حقًا ، شخص سيغرقهم في دمائهم... لا يهاب فعل ما يدور في رأسه...

" ريجيل كاسانو "

همس فيليب بإسمه كأنه شبح سيظهر في المكتب إن نطقا اسمه بصوت عالٍ... حينها أكمل تشارلز عنه بينما يحرك الكأس في يده

" ريجيل يسند قوته عليه لذا إن هدمنا مصدر قوته فسيكون ظهره خاليًا حينها و بإمكاننا القضاء عليه بلمح البصر "

مرت دقائق ثقيلة بصمت و الليل قد خيم على سماء لندن بظلامٍ حالك كظلام افكار شياطين المدينة حاليًا... حدق فيليب في الفراغ لوهلة ثم تمتم بصوت بارد هذه المرة و كأنه انقلب فجأة

" ماذا عن الدي لوكا ؟ و ميرال ؟"

" الدي لوكا سنناقش أمرهم فيما بعد أما فتاتك فأنا اعدك بأنني لن ألطخ شعرة منها فيما سأفعله "

اخيراً ظهرت بعض ملامح الطمأنينة على وجه فيليب و اطلق تنهيدة خافتة كأنه كان ينتظر هذه الكلمات... هو يريدها ألا تخدشها شرارات الانتقام بل يريدها ألا تعلم بأنه سبب في ما حدث قبل سبع سنوات...

" فيليب ، اذهب الى ايطاليا في بداية الشهر المقبل "

.

.

.
🎀

فصل خفيف على المعدة بس مو على العقل🎀

دُمتم بخير انتم و حبايبي❤🎀

و احتمال يكون الفصل الثامن في تاريخ 6 أبريل

2025/3/31

Continue Reading

You'll Also Like

12.7K 781 13
" سأفسدكِ.. من أجلي فقط" ____________________ إيلودي جاكوبس المتمردة الجريئة ذات السجل الدراسي المريع مع سمعة مدمرة محاطة بالشائعات تتبعها كظل ثقيل،...
270K 18.7K 45
«الزواج عقدٌ مُقدس، وهو صنع لها معبدًا في قلبه لِيقدسها.» لطالما أرادت كوفي الزواج مِن شخصٍ مُراعي، ولطيف، يصوّنها وتَعيش معهُ في سلامٍ بعيدًا عن عال...
1.3M 37.3K 70
القصه حقـيقيه بقلمي: رُوح أدريس فتاه مندفعه ومتهوره وعنيده وقعت في فخ رجل محقق جنائي قاسي القلب ومريض نفسي فكيف سوف تنجو من عذاب المتعقد من النساء؟؟...
3.8K 185 6
تجد نفسها ممزقة بين ولائها لإمبراطورية الجريمة التي ترعرعت فيها وحب خطير لرجل لا ينبغي أن تثق به، كل قرار تملكه قد يكون قاتلاً، وكل سر يكشفه الحب يعم...